إلى أن قال ابن حزم : «وأحاديث موقوفة على حذيفة ، فيها : أنّه كان يدري المنافقين ، وأنّ عمر سأله : أهو منهم؟ قال : لا ، ولا أخبر أحدا بعدك بمثل هذا ، وأنّ عمر كان ينظر إليه فإذا حضر حذيفة جنازة حضرها عمر وإن لم يحضرها حذيفة لم يحضرها عمر ، وفي بعضها : منهم شيخ لو ذاق الماء ما وجد له طعما ؛ كلّها غير مسندة. وعن حذيفة ، قال : مات رجل من المنافقين فلم أذهب إلى الجنازة ، فقال : هو منهم ، فقال له عمر : أنا منهم؟ قال : لا».
إلى أن قال : «وعن زيد بن وهب ، قال : كنّا عند حذيفة ـ وهو من طريق البخاري (١) ـ فقال حذيفة : ما بقي من أصحاب هذه الآية إلّا ثلاثة ، ـ يعني قوله تعالى : (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) إلى قوله : (يَنْتَهُونَ) (٢) ـ قال حذيفة : ولا بقي من المنافقين إلّا أربعة. فقال له إعرابي : إنّكم أصحاب محمّد تخبروننا بما لا ندري ، فما هؤلاء الّذين ينقرون بيوتنا ويسرقون أعلافنا؟ قال : أولئك الفسّاق ، أجل لم يبق منهم إلّا أربعة ، شيخ كبير لو شرب الماء وجد له بردا».
ثمّ نقل أحاديث بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يقتل أصحابه : «لا يتحدّث الناس أنّ محمّدا يقتل أصحابه» (٣).
وقال : «إنّه لا خلاف بين أحد من الأمّة في أنّه لا يحلّ لمسلم أن يسمّي كافرا معلنا بأنّه صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا أنّه من أصحاب النبيّ عليهالسلام ، وهو عليهالسلام قد أثنى على أصحابه ، فصحّ أنّهم أظهروا الإسلام فحرّمت بذلك دماؤهم في ظاهر الأمر ، وباطنهم إلى الله تعالى في صدق أو كذب ، فإن كانوا صادقين في توبتهم فهم أصحابه حقّا ، عند الناس ظاهرهم
__________________
(١). صحيح البخاري ٦ / ٨٢ ؛ وفيه : «لو شرب الماء البارد لما وجد برده».
(٢). التوبة / ١٢.
(٣). المحلّى ١١ / ٢٢١ ـ ٢٢٢.