والقراءة المبتدأة للسورة ، والتدبّر للوهلة الأولى في سياق آياتها وأسلوب خطابها يوقف الناظر على أنّ هناك حديثا أسرّه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى بعض أزواجه فقامت بإفشاء سرّ النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى زوجة أخرى ، أو بالإضافة إلى جماعة أخرى. واستعقب هذا الحديث مأربا لزوجتي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والقيام بتدبير مناهض له ، ومكيدة واحتيالا في غاية الخطورة على وجود النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ممّا استدعى نفيرا إلهيا عامّا ، وتعبئة شاملة لجنود الرحمن ، وأوجب تحذيرا وتهديدا معلنا من قبله تعالى لأصحاب المؤامرة.
ولا يعقل في الحكمة العقلية ، فضلا عن الحكمة الإلهية ، أن يكون كلّ هذا الاستعراض للقوّة الإلهية في قبال خلاف في الأمور الزوجية حدث بينه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين زوجتيه ، بل لا محالة أنّ الحدث وإن ابتدأ بذلك إلّا أنّه انتهى إلى المواطأة الدهياء على النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومن المنطقي اتّصال هذه المواطأة بأصحاب مصلحة في إجرائها ، وأنّهم على مكمن إعداد وتهيّئ لتنفيذها ، فهي على اتّصال محتمل بقوّة مع الحادثة الخطيرة الأولى الواقعة في عقبة تبوك. وقد توصّلنا ثمّة إلى تجميع العديد من خيوط المجموعة التي قامت بارتكاب محاولة الاغتيال ، والملفت للنظر أنّ تلك المجموعة على اتّصال وثيق بزوجتي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، اللتين نزلت السورة فيهما ، وكشفت هول ما عزمتا عليه تواطئا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هذا هو المتراءى البدوي من ألفاظ السورة.
ولنستعرض أقوال المفسّرين ، والروايات الواردة من الفريقين في ذيل السورة ، ثمّ نرجع إلى متن السورة ونمعن النظر في معانيها مرّة أخرى ؛ لنتعرّف على ملابسات الحدث بصورة أوضح وأشمل.
قال في الدرّ المنثور :
أخرج ابن سعد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن عائشة : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا ، فتواصيت أنا وحفصة أن أيّتنا دخل