اللحن.
فقد روى السيوطي عن عبد بن حميد ، ومسلم ، وابن مردويه ، عن ابن عبّاس :
قال : حدّثني عمر بن الخطّاب ، قال : ... فقلت : يا رسول الله! ما يشقّ عليك من شأن النساء ، فإن كنت طلّقتهنّ فإنّ الله تعالى معك وملائكته وجبريل وميكائيل ، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك ، وقلّما تكلّمت وأحمد الله بكلام إلّا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقوله. ونزلت هذه الآية : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) ، وكانت عائشة (رض) بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم. الحديث (١).
وآثار الوضع لائحة بيّنة على هذا الحديث ؛ إذ يتضمّن المتناقضات ، فإنّ المنازعة الزوجية الاعتيادية إذا استلزمت هذه النصرة المهيبة فتكون أشبه بالهزل البارد منها بالحدث الجدّي الخطير ، وحاشاه تعالى عن الباطل ، كما تضمّن أنّ تظاهرهما هو على بقية أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو مخالف لصريح القرآن الكريم من أنّ المجابهة في تدبيرهما الخفي كانت قبال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما تضمّن أنّ «صالح المؤمنين» هو : أبو بكر وعمر ، فكيف يكونا في طرف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذه الحادثة الواقعة ، والحال أنّ ابنتيهما بشّرتاهما بأمرهما بعد النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّه عهد معهود مرضي من ربّ العزّة؟!!
وكيف يكونا في الطرف المقابل لابنتيهما ولم تقوما بإفشاء السرّ إلّا بما هو بشارة لهما؟! وبطبيعة الحال إنّ مثل هذا السرّ لم تكن حفصة وعائشة لتخبر إحداهما الأخرى به دون أن تطلعا أبويهما عليه ؛ كما هو مقتضى جبلّة الطبع ، فإنّهما إذا كانتا متحابّتين فإنّ تحابّهما مع أبويهما أشدّ ، وإذا كان هذا الخبر بشارة لهما فإنّ استبشارهما سيكون
__________________
(١). الدرّ المنثور ٦ / ٢٤٢ ـ ٢٤٣.