عليّ عليهالسلام ، حكاه الماوردي ؛ قاله الفرّاء (١).
وفي كون «صالح المؤمنين» عليّا عليهالسلام بالغ المعنى ؛ فإنّ أبا بكر وعمر ـ كما مرّ ـ هما من الطرف الآخر في الحادثة ، لأنّهما ممّن أفشي لهما الخبر الذي نجم عنه التظاهر والتواطؤ على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ ففي الآية مقابلة بين تلك المجموعة المتواطئة على دين الله ونبيّه وبين معسكر الدين والتوحيد بقيادة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّ «صالح المؤمنين» وليّه وحاميه بعد الله تعالى وجبرئيل ، وهي لا تخلو من دلالة على التخالف والتقابل بين الولايتين ، بين ولاية أبي بكر وعمر ـ التي كانت السرّ الذي أفشي وتسبّب منه حصول المظاهرة والمواطئة الأمنية على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وبين ولاية «صالح المؤمنين» المنشعبة ولايته من ولاية الله ورسوله.
قال الزمخشري في ذيل الآية الكريمة : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) :
مثّل الله عزوجل حال الكفّار ـ في أنّهم يعاقبون على كفرهم وعداوتهم للمؤمنين معاقبة مثلهم ، من غير إبقاء ولا محاباة ، ولا ينفعهم مع عداوتهم لهم ما كان بينهم وبينهم من لحمة نسب أو وصلة صهر ؛ لأنّ عداوتهم لهم وكفرهم بالله ورسوله قطع العلائق وبتّ الوصل وجعلهم أبعد من الأجانب وأبعد ، وإن كان المؤمن الذي يتّصل به الكافر نبيّا من أنبياء الله ـ بحال امرأة نوح وامرأة لوط ، لمّا نافقتا وخانتا الرسولين لم يغن الرسولان عنهما بحقّ ما بينهما وبينهما من وصلة الزواج إغناء ما من عذاب الله ، (وَقِيلَ) لهما عند موتهما أو يوم القيامة: (ادْخُلَا النَّارَ مَعَ) سائر (الدَّاخِلِينَ) الّذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء ...
__________________
(١). زاد المسير ـ لابن الجوزي ـ ٨ / ٥٢.