وكتب التفسير.
وكلماتهم كما ترى تتراوح بين البحث في عدالة الصحابي ، وبين عصمته عن الخطأ والباطل والضلال ، وإن كانت العصمة عند العامّة ـ في النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأنبياء ـ هي في حدود تبليغ الأحكام والدين ، لا مطلقا ، فكذلك ما يثبتوه للصحابة!
كما إنّ البحث عن دائرة الصحابة تتراوح بين أقوال لديهم ، من كون الصحابي كلّ من أدرك النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وآمن ، أو حدّث عنه ، أو نصره وآزره وبقي معه مدّة طويلة ، أو الثلّة التي أعدّت لبيعة السقيفة ، لا مطلق المهاجرين والأنصار ، أو هم خصوص الثلاثة أو الأربعة من الخلفاء.
والظاهر أنّ محور الدائرة هم الثلاثة ، وأمّا الدوائر الأوسع المحيطة فالحديث عنها يتبع الثلاثة ، كي لا يتصاعد الحديث والطعن عليهم إلى الطعن على الثلاثة ؛ كما أنّ الغاية من البحث ـ أي المفردة الثالثة المقدّرة في هذا البحث ـ هي حجّية أقوالهم وأفعالهم وسيرتهم وسنّتهم ، فقد يتراءى أنّه من باب كاشفيّته عن قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكن من تجويزهم لاجتهاد الصحابي في حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو قبال النصّ القرآني أو النبوي بالتأوّل ، أو أنّ قول أو فعل الصحابي يخصّص إطلاق الكتاب وإطلاق السنّة ، أو أنّ للصحابي الاجتهاد إن لم يكن نصّ يقتضي أنّ حجّيّته ليست من باب الرواية ، بل من باب من له التشريع المفوّض له.
وأظهر ممّا تقدّم في ذلك ، تعليلهم لحجّية سنّة خصوص الشيخين بالحديث الذي نسبوه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» (١) ، وما ينسبونه إليهصلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا : «خير أمّتي أبو بكر ، ثمّ عمر» و «ما ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يتقدّم عليه عنده» (٢) وما ينسبونه إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو كان بعدي نبيّ لكان عمر» فإنّ هذا النمط من
__________________
(١). رواه الترمذي في المناقب ، وابن ماجة في المقدّمة ، وابن حنبل في مسنده.
(٢). ويشهد لوضع هذه الأحاديث تأمير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عند وفاته لأسامة بن زيد على الجيش الذي فيه أبو بكر