وأعظم بها من سورة قد اشتملت على العديد من الدلالات والتلويحات ؛ تعريضا بأطراف الحادثة ، وبالسنن الإلهية في مثل هذا النمط من الفتن ، التي تحاك كيدا من الوسط الداخلي في المسلمين.
وقد أفصح بذلك الزمخشري في ما مرّ من مقاله :
... وأسرار التنزيل ورموزه في كلّ باب بالغة من اللطف والخفاء حدّا يدقّ عن تفطّن العالم ويزلّ عن تبصّره.
ومثله قال الرازي :
وأمّا ضرب المثل بامرأة نوح المسمّاة بواعلة ، وامرأة لوط المسمّاة بواهلة ، فمشتمل على فوائد متعدّدة لا يعرفها بتمامها إلّا الله تعالى. إلى أن قال : ـ ومنها التنبيه على أنّ التضرّع بالصدق في حضرة الله تعالى وسيلة إلى الخلاص من العقاب (١).
وكذلك مقولة ابن القيّم التي تقدّمت ، قال ـ بعد أن ذكر التعريض بهما وتحذيرهما وتخويفهما ـ :
وأسرار التنزيل فوق هذا وأجلّ منه ، ولا سيّما أسرار الأمثال التي لا يعقلها إلّا العالمون.
وها قد حان أن ننقل أسرار التنزيل ولطائفه ورموزه ، وأسرار الأمثال في هذه السورة عن أئمّة الهدى من آل محمّد صلوات الله عليهم. فقد روى علي بن إبراهيم القمّي في تفسيره ، بسند صحيح عن الصادق عليهالسلام في ذيل الآية الأولى في سبب نزولها :
كان سبب نزولها ـ وذكر قصّة حلفه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يطأ مارية ، ثمّ إخباره صلىاللهعليهوآلهوسلم حفصة باستيلاء أبيها على الأمر من بعد استيلاء أبي بكر عليه بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقولهصلىاللهعليهوآلهوسلم لها : «فإن أنت أخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والناس
__________________
(١). التفسير الكبير ٣ / ٥١.