معك ، أنا مع الناس.
وروى الصدوق بسنده عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال لرجل من أصحابه :
لا تكون إمّعة ، تقول : أنا مع الناس ، وأنا كواحد من الناس (١).
وهذه الأحاديث أيضا في مقام تخطئة التأثّر من رأي الأكثرية بسبب الأكثرية ، والحثّ على التمسّك بما هو مقتضى البديهة الفطرية والضرورة الدينية ، وهناك توصيات عديدة في القرآن والسنّة على طريقة التفكير والاعتقاد كمنهج منطقي ديني لا يسع المقام ذكرها.
ثمّ إنّ آية الاعتصام بحبل الله تعالى تتضمّن نبوءة بملحمة قرآنية مهمّة ، وهي : أنّ وحدة الأمّة الإسلامية لا ولن تتمّ إلّا بالتمسّك جميعا بحبل الله ، فلا تأمل هذه الأمّة يوما ما في الخلاص من ذلّ الفرقة والتشتّت والضعف أمام الأعداء بدون التمسّك بحبل الله.
والرغبة في الوحدة بأن تكون على محور الاعتصام بحبل الله كي لا يقعوا في الفرقة ؛ فحبل الله هو العاصم من الفرقة ، وبدونه سوف تكون الرغبة في الوحدة حلما وشعارا أجوف ومجرّد تشدّق باللسان.
وحبل الله الذي يدعو إليه القرآن الكريم هو : الثقلان ؛ لأنّه حبل طرف منه عند الناس وطرف آخر عند الله ، وهذا القرآن الكريم قد تضمّنت عدّة سور قرآنية منه التشديد على أنّ للقرآن قرينا وملازما لا يفترق عنه ، هو ثلّة مطهّرة من هذه الأمّة ، لديها علم الكتاب ؛ فقد قال تعالى في سورة الواقعة : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ* وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ* إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ* لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ* تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ* أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ* وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (٢).
__________________
(١). معاني الأخبار : ٢٢٦ ح ١ ، بحار الأنوار ٢ / ٢٦.
(٢). الواقعة / ٧٥ ـ ٨٢.