من الفرقة (١).
والمرتضى عليهالسلام وصيّ المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم في خطبته القاصعة ـ وهي من أعظم خطبه صلوات الله عليه ؛ إذ يصف فيها ولاية أهل البيت عليهمالسلام أنّها توحيد لله تعالى في الطاعة ـ يقول :
فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولا ؛ فعقد بملّته طاعتهم ، وجمع على دعوته ألفتهم ، كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها ، وأسالت لهم جداول نعيمها ...
وتعطفت الأمور عليهم في ذرى ملك ثابت ، فهم حكّام على العالمين وملوك في أطراف الأرضين ، يملكون الأمور على من يملكها عليهم ، ويمضون الأحكام في من كان يمضيها فيهم ...
ألا وإنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة ، وثلمتم حصن الله المضروب عليكم بأحكام الجاهلية ، فإنّ الله سبحانه قد امتنّ على جماعة هذه الأمّة في ما عقد بينهم من حبل هذه الألفة التي ينتقلون في ظلّها ، ويأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ؛ لأنّها أرجح من كلّ ثمن ، وأجلّ من كلّ خطر.
واعلموا أنّكم صرتم بعد الهجرة أعرابا ، وبعد الموالاة أحزابا ، ما تتعلّقون من الإسلام إلّا باسمه ، ولا تعرفون من الإيمان إلّا رسمه ، تقولون : النار ولا العار! كأنّكم تريدون أن تكفئوا الإسلام على وجهه انتهاكا لحريمه ، ونقضا لميثاقه الذي وضعه الله لكم ، حرما في أرضه ، وأمنا بين خلقه ، وإنّكم إن لجأتم إلى غيره حاربكم أهل الكفر ، ثمّ لا جبرائيل ولا ميكائيل ولا مهاجرون ولا أنصار ينصرونكم إلّا المقارعة بالسيف حتّى يحكم الله
__________________
(١). الاحتجاج ـ للطبرسي ـ ١ / ٢٥٨ ضمن ح ٤٩ ، كشف الغمّة ـ للإربلي ـ ١ / ٤٨٣.