مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ ... إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ* وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ* يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١).
وهذه الآيات كآية مودّة القربى حاصرة للتولّي في الدين بالله والرسول والأئمّة أوصياء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد اتّفق الفريقان على نزولها في عليّ عليهالسلام وتصدّقه وهو راكع في الصلاة ، كما تدلّ هذه الآيات على كون التولّي لأئمة الهدى من أهل البيت والتبرّي من الأعداء هو من أصول الإيمان ..
وتدلّ على أنّ فئة (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ـ وهي الفئة التي نشأت في صفوف المسلمين في أوائل البعثة النبوية في مكّة ، كما تشير إلى ذلك سورة المدّثر ، رابع سورة نزلت على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ تتولّى أهل الكتاب والكفّار لخوفهم من انقلاب الكفّة لصالحهم على المسلمين ..
كما أنّ الآية تدلّ على أنّ النصرة لهذا الدين ووليّه منحصرة بعليّ عليهالسلام وولدهعليهمالسلام بتولّيهم ، وأنّهم حزب الله الغالبون ، وأنّ من يرتدّ عن الدين بترك فريضة التولّي لهم عليهمالسلام والتبرّي من الكفّار وبقية أعدائهم فسوف يأتي الله بقوم يقومون بفريضة التولّي والتبرّي.
وقد روت العامّة بطرق مستفيضة حديثا بمضمون الآية نفسه عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «إنّ الإسلام لا يزال عزيزا ما مضى فيهم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش» (٢). وفي رواية مسلم : «لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ... كلّهم من قريش» (٣) ، وفي لفظ آخر في صحيح مسلم : «لا يزال هذا الدين عزيزا متبعا إلى اثني
__________________
(١). المائدة / ٥١ ـ ٥٧.
(٢). جامع الأصول ٤ / ٤٤٠.
(٣). صحيح مسلم ٣ / ١٤٥٢ ح ٦.