أخذ من هذا علم الخلفاء في الحديث قبله ، ففيه ما ليس في الذي قبله. واستفيد منه أيضا كون سيّدنا الحسن خليفة ، لتكميله الستّة الأشهر الباقية من الثلاثين ، ومن ثمّ قالوا : إنّه آخر الخلفاء الراشدين بنصّ جدّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولي الخلافة بعد قتل أبيه بمبايعة أهل الكوفة، فأقام فيها ستّة أشهر وأيّاما ثمّ خلع نفسه رضى الله عنه وسلّم الأمر لسيّدنا معاوية صونا لدماء المسلمين ، وذلك مصداق قول جدّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ ابني هذا سيّد ، ولعلّ الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».
قال الشهاب : «وقضية اعتبار موافقة سيّدنا الحسن للأربعة» ، وعلّق البناني على قوله : «الثالثة والرابعة» : وأجيب بمنع انتفائه. لقائل أن يقول : لو اقتصر في الاستدلال في الأولى على قوله : «فقد حثّ على اتّباعهم» وذلك يستلزم أنّ قولهم حجّة ، وإلّا لم يصحّ اتّباعهم ، وفي الثانية على قوله : «أمر بالاقتداء بهما» فدلّ على أنّ قوله حجّة ، وإلّا لم يصحّ الاقتداء بهما ؛ لتمّ الاستدلال ولم يلاقه هذا الجواب ، فأيّ حاجة إلى اعتبار انتفاء الخطأ في الاستدلال حتّى توجّه هذا الجواب؟! (١).
وعلّق الشربيني على قول ابن المحلّى ـ الذي تقدّم التعليق السابق عليه ـ :
أي : لأنّ الحثّ على اتّباعهم لا يستلزم أنّ قولهم حجّة ؛ لأنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عليكم بسنّتي ... ، و : اقتدوا باللذين ... إنّما يدلّان على أهليّة الأربعة والاثنين لتقليد المقلّد لهم ، لا على حجّية قولهم على المجتهد ... ولأنّه لو كان قولهم حجّة لما جاز الأخذ بقول كلّ صحابي خالفهم ، وإنّه جائز لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أصحابي كالنجوم ، بأيّهم اقتديتم اهتديتم ؛ ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : خذوا شطر دينكم
__________________
(١). حاشية العلّامة البناني على شرح ابن المحلّى على متن جمع الجوامع ٢ / ١٨٠ ـ ١٨١.