وعمدة الباب ما في صحيحة ابن أبي عمير ؛ قال : سمعت موسى بن جعفر عليهالسلام يقول :
لا يخلد الله في النار إلّا أهل الكفر والجحود ، وأهل الضلال والشرك ، ومن اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر» ، ـ ثمّ ذكر عليهالسلام أنّ الشفاعة لأهل الكبائر من المؤمنين ـ قال ابن أبي عمير : فقلت له : يا بن رسول الله! فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) ، ومن يركب الكبائر لا يكون مرتضى؟! فقال : «يا أبا أحمد! ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلّا ساءه ذلك وندم عليه ، وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : كفى بالندم توبة. وقال : من سرّته حسنة وساءته سيّئة فهو مؤمن ؛ فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب له الشفاعة ، وكان ظالما ، والله تعالى يقول : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (١).
فقلت له : يا بن رسول الله! وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟! فقال : يا أبا أحمد! ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنّه سيعاقب عليها إلّا ندم على ما ارتكب ، ومتى ندم كان تائبا مستحقّا للشفاعة ، ومتى لم يندم عليها كان مصرّا ، والمصرّ لا يغفر له ؛ لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ، ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم ، وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار ..
وأمّا قول الله : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) ، فإنّهم لا يشفعون إلّا لمن ارتضى الله دينه ، والدين الإقرار بالجزاء على الحسنات والسيّئات ، ومن ارتضى الله دينه ندم على ما يرتكبه من الذنوب ؛ لمعرفته بعاقبته في القيامة (٢)
فإنّه استدلال عقلي لتقييد الشفاعة بمن ارتضى الله دينه وهو المؤمن ، وأنّ الضالّ
__________________
(١). غافر / ١٨.
(٢). التوحيد : ٤٠٧ ح ٦ ، بحار الأنوار ٨ / ٣٥١ ح ١.