القاصر لا تناله الشفاعة إلّا بعد التبيان والامتحان وتعرّفه على حقائق الإيمان فينخرط في زمرة المؤمنين.
ونظير الروايات المتقدّمة : ما رواه الصدوق بسنده عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليهمالسلام ، قال : «إنّ للجنّة ثمانية أبواب ... وباب يدخل منه سائر المسلمين ممّن يشهد أن لا إله إلّا الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت» (١). فإنّ غاية دلالتها : على عدم خلودهم في النار ، ولا تنافي ما دلّ على امتحانهم وتوقّف دخولهم الجنّة على إطاعتهم بالإيمان ، كما لا تنافي ما دلّ على دخولهم النار حقبة لتطهيرهم ثمّ دخولهم الجنّة ؛ فهناك فرق بين الخلود في النار وبين الدخول فيها ولو لحقبة منقطعة الأمد ، وكذلك بين الدخول في الجنّة ابتداء وبين الدخول فيها لاحقا ، فحساب الأكثرية والأقلية من الناجين يختلف بحسب المقامين ، وقد ورد عنهم عليهمالسلام : «الناجون من النار قليل ؛ لغلبة الهوى والضلال» (٢) ، والرواية ناظرة للنجاة من النار لا النجاة من الخلود فيها ، وقد تقدّم في حديث الكاظم عليهالسلام أنّ طوائف المخلّدين أربع وما عداهم لا يخلد.
السابعة قد دلّت الآيات والروايات المتواترة على أنّ قبول الأعمال مشروط ، وصحّتها كذلك مشروطة بعدّة شرائط ، لا يثاب العامل على عمله إلّا بها ، وإلّا يكون مردودا بالنسبة إلى الثواب الأخروي ، لا سيّما مثل الدخول في الجنّة ، بل الأدلّة دالّة على أنّ صحّة الاعتقادات مشروطة بالولاية ، نظير قوله تعالى المتقدّم : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) ، فقد قيّد الإيمان والعمل الصالح بالهداية ؛ فإنّ المغفرة ـ وهي النجاة من العقوبة ـ إذا كانت مقيّدة فكيف بالمثوبة؟!
وقوله تعالى : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٣) ، والغاية في تعبير الآية : أنّه قد قيّد
__________________
(١). الخصال : ٤٠٧ ح ٦ ، بحار الأنوار ٨ / ٣٩ ح ١٩.
(٢). غرر الحكم ـ للآمدي ـ ١ / ٨٥ ح ١٧٤٩ ، مستدرك الوسائل ١٢ / ١١٣ ضمن ح ١٣.
(٣). المائدة / ٢٧.