أصحابه ذات يوم : «يا أبا عبد الله! أحبّ في الله وأبغض في الله ، ووال في الله وعاد في الله؛ فإنّه لا تنال ولاية الله إلّا بذلك ، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتّى يكون كذلك ، وقد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا ، عليها يتوادّون وعليها يتباغضون ، وذلك لا يغني عنهم من الله شيئا» (١).
فكما أنّ أهمّية الولاية لا تعني التفريط في العمل والتهاون فيه ، فكذلك صلاح العمل في صورته وقالبه لا يعني التفريط بالولاية والإيمان ، إذ أنّ الولاية لهم عليهمالسلام هي توحيد الولاية له تعالى وإخلاص له في التولّي.
ومن ثمّ أكّدت عدّة آيات وروايات على خواء العمل بدونها ، وإنّه هباء منثورا ؛ قال تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) (٢). وقال : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) (٣). وقال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) (٤). وقال : (يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (٥). وقال : (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) (٦).
العاشرة
إنّ مفاد الحديث النبوي المعروف بين الفريقين ب «حديث الفرقة الناجية» هو الدعوة لتمييزها ومعرفتها كي تتّبع ، والنهي عن اتّباع غيرها ، وعن التوقّف والتبلبل
__________________
(١). تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ٤٩ ضمن ح ٢٢ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ / ٢٩١ ح ٤١ ، علل الشرائع ١٤٠ ح ١ الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ ٦١ ح ٢١ ، معاني الأخبار : ٣٧ ضمن ح ٩ و ٣٩٩ ح ٥٨ ، بحار الأنوار ٢٧ / ٥٤ ح ٨.
(٢). إبراهيم / ١٨.
(٣). الفرقان / ٢٣.
(٤). النور / ٣٩.
(٥). الكهف / ١٠٤.
(٦). المجادلة / ١٨.