وهناك شواهد تاريخية عديدة على وجود العلاقة بين فئة الّذين في قلوبهم مرض ، وهم المجموعة التي اخترقت صفوف المسلمين في الأيام الأولى من البعثة النبوية ، وبين كفّار قريش ، الّذين تحلّوا في ما بعد إلى الطلقاء.
منها : ما رواه الواقدي ، قال : «حدّثني ابن أبي سبرة ، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم ، واسم أبي جهم : عبيد ، قال : كان خالد بن الوليد يحدّث وهو بالشام ، يقول : الحمد لله الذي هداني للإسلام! لقد رأيتني ورأيت عمر بن الخطّاب حين جالوا وانهزموا يوم أحد وما معه أحد ، وإنّي لفي كتيبة خشناء فما عرفه منهم أحد غيري ، فنكبت عنه وخشيت إن أغريت به من معي أن يصمدوا له ، فنظرت إليه موجّها ـ أي فارّا ـ إلى الشعب» (١) ؛ فيا ترى لما ذا لا يريد خالد يوم أحد قتل عمر بن الخطّاب ، ويخشى على حياته!!! مع أنّ خالد يريد قتل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليّا وحمزة؟!!!
__________________
وفي المحلّى ـ لابن حزم ـ ١١ / ٢٢٥ : «أنّه روي عن حذيفة : إنّ أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقّاص من أصحاب العقبة».
وروي : «إنّ عمر سأل حذيفة : يا حذيفة! أنشدك الله أمن القوم أنا؟! قلت : اللهمّ لا ، ولن أبرّئ أحدا بعدك.
قال : فرأيت عيني عمر جاءتا ـ أي : هلع ذعرا ـ» ..
رواه ابن عساكر في مختصر تاريخ دمشق ٦ / ٢٥٣ ، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣ ، وابن العديم في بغية الطلب في تاريخ حلب ٦ / ٢١٧٦.
وروى ابن عساكر ، قال : «دخل عبد الرحمن على أمّ سلمة ، فقالت : سمعت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : إنّ من أصحابي لمن لا يراني بعد أن أموت أبدا.
فخرج عبد الرحمن من عندها مذعورا حتّى دخل على عمر ، فقال له : اسمع ما تقول أمّك. فقام عمر حتّى دخل عليها فسألها ، ثمّ قال : فأنشدك الله أمنهم أنا؟!
قالت : لا ولن أبرّئ بعدك أحدا». مختصر تاريخ دمشق ١٩ / ٣٣٤.
والذعر الذي أصابهما من قول أمّ سلمة خوف أن ينتشر ذلك بين المسلمين.
(١). المغازي ١ / ٢٣٧.