وصيّتي وتؤازروه وتنصروه اختلفتم في أحكامكم ، واضطرب عليكم أمر دينكم ، ووليكم شراركم ...
فقال له عمر بن الخطّاب : اسكت يا خالد! فلست من أهل المشورة (١) ولا ممّن يقتدى برأيه. فقال خالد : اسكت يا ابن الخطّاب! فإنّك تنطق عن لسان غيرك وأيم الله لقد علمت قريش أنّك من ألأمها حسبا ، وأدناها منصبا ، وأخسّها قدرا ، وأخملها ذكرا ، وأقلّهم غناء عن الله ورسوله ، وأنّك لجبان في الحروب ، بخيل بالمال ، لئيم العنصر ، ما لك في قريش من فخر ، ولا في الحروب من ذكر ...
وقال سلمان الفارسي : ... يا أبا بكر! إلى من تسند أمرك إذا نزل بك ما لا تعرفه؟! وإلى من تفزع إذا سئلت عمّا لا تعلمه؟! وقام أبو ذرّ فقال : يا معشر قريش! أصبتم قباحة ، وتركتم قرابة ، والله لترتدّن جماعة من العرب ، ولتشكّن في هذا الدين ، ولو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيّكم ما اختلف عليكم سيفان ، والله لقد صارت لمن غلب ، ولتطمعنّ إليها عين من ليس من أهلها ، وليسفكنّ في طلبها دماء كثيرة. فكان كما قال أبو ذرّ.
وقال المقداد بن الأسود : ... ولا تغررك قريش وغيرها ... وقال : أبيّ بن كعب : ... ولا تكن أوّل من عصى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في وصيّه وصفيّه وصدف عن أمره ، اردد الحقّ إلى أهله تسلم ... وقام عثمان بن حنيف فقال : فلا تكن يا أبا بكر (أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ)(٢) و (لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٣) ...»
وما تخوّف منه هؤلاء الاثنا عشر من المهاجرين والأنصار من تمرّد القبائل العربية مسلمة الوفود بسبب تمرّد قريش نفسها وأصحاب السقيفة على وصيّة النبيّ وأمر الله ورسوله ، قد تحقّق ؛ فإنّ عصيانهم في الوصاية وارتدادهم عن عهد الله ورسوله في خلافة
__________________
(١). ذكر ابن الأثير في أسد الغابة أنّ خالد بن سعيد من السابقين إلى الإسلام ثالثا أو رابعا ، أي أسلم قبل أبي بكر وعمر.
(٢). البقرة / ٤١.
(٣). الأنفال / ٢٧.