عليّ عليهالسلام فتح الباب لسائر القبائل للارتداد عن أداء الزكاة.
بل إنّ نصوص كتب التواريخ ـ كما سيأتي استعراضها ـ تنصّ على أنّ تمرّد القبائل في الجزيرة العربية كان بسبب إبائها خلافة أبي بكر ، واستهجانها مكانته ولآمة حسبه ونسبه، وأنّهم قالوا : كما خانت قريش نبيّها في وصيّه فلم نطيع قريش وأبا بكر في بغيهم؟!
فالزلزلة التي أصابت الإسلام بسبب خلافة أبي بكر هي أكبر شؤم على الإسلام ، وقد سبّبت هلاك الحرث والنسل ، كما تنبّأ القرآن الكريم بذلك ، وأشارت إليه سورة المدّثر المكّية ، رابع سورة نزولا ؛ فقد قال تعالى في فئة الّذين في قلوبهم مرض ، وهي الفئة التي اندسّت في صفوف المسلمين في أوائل البعثة ، والتي كانت على ارتباط مع قريش الطلقاء في الخفاء : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) (١) ، في سياق آيات (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ). وكذلك قوله تعالى : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) (٢) ؛ فقد خفرت كثير من الذمم والعهود.
قال ابن أعثم ـ عند ذكر ارتداد أهل حضرموت من كندة ـ : «فلمّا فرغ أبو بكر من حرب أهل البحرين ـ وسيأتي أنّ عصيانهم هو لأبي بكر وخلافته ـ عزم على محاربة أهل حضرموت من كندة ، وذلك أنّ عاملهم زياد بن لبيد الأنصاري كان ولّاه عليهم النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان مقيما بحضرموت يصلّي بهم ويأخذ منهم ما يجب عليهم من زكاة أموالهم ، فلم يزل كذلك إلى أن مضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لسبيله وصار الأمر إلى أبي بكر ، فقال له الأشعث بن قيس : يا هذا! إنّا قد سمعنا كلامك ودعاءك إلى هذا الرجل فإذا اجتمع الناس إليه اجتمعنا. قال له زياد بن لبيد : يا هذا! إنّه قد اجتمع المهاجرون والأنصار.
فقال له الأشعث : إنّك لا تدري كيف يكون الأمر بعد ذلك. قال : فسكت زياد بن
__________________
(١). محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم / ٢٢.
(٢). البقرة / ٢٠٥.