«قلت لعمّار : أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر عليّ ، أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! فقال : ما عهد إلينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافّة ، ولكن حذيفة أخبرني عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : في أصحابي اثنا عشر منافقا ، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنّة حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط ، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة ؛ وأربعة لم أحفظ» (١).
وعمّار رضى الله عنه يشير هنا إلى أنّ النصوص من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في عليّ عليهالسلام ليست خفيّة ، خاصّة عندنا ـ أي الصحابة ـ بل هي منتشرة عند الناس ، من حديث الغدير وغيره ، وكان سبب تولّيه لعليّ عليهالسلام من بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من يوم السقيفة إلى يوم قتل عثمان ـ فقد صنّف عمّار في من دبّر ذلك ، كما ذكرت ذلك كتب التواريخ ـ إلى يوم الجمل وصفّين ، وصريح الحديث الذي يرويه عمّار عن حذيفة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنّ في خاصة الصحابة اثني عشر منافقا لا يدخلون الجنّة ، وأنّ عمّارا رأى هؤلاء الاثني عشر في من ناوأ وعادى عليّا عليهالسلام.
ثمّ إنّ هذا الحديث صريح في أنّ ما أتى به الصحابة الّذين تولّوا عليّا وناصروه بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى استشهاده عليهالسلام كان بتصريح ونصّ من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبنفاق مناوئيه وأعدائه ، ولم يكن باجتهاد رأي رأوه كما يقول بذلك علماء العامّة في حكمهم بعدالة الصحابة الّذين ناوءوا الإمام عليّا عليهالسلام وقد روى مسلم هذا الحديث بطريق آخر فلاحظ (٢).
* وروى عن أبي الطفيل ، قال : «كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس ، فقال : أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة؟ قال : فقال له القوم : أخبره إذ سألك! قال : كنّا نخبر أنّهم أربعة عشر ، فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر ، وأشهد بالله أنّ اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد،
__________________
(١). صحيح مسلم ٨ / ١٢٢.
(٢). صحيح مسلم ٨ / ١٢٢ ـ ١٢٣.