فكتب إليه بخطّه وقرأته : إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين فالوفاء به إن كنت تخاف شنعته ، وإلّا فاصرف ما نويت من ذلك في أبواب البرّ ، وفّقنا الله وإيّاك لما يحبّ ويرضى» (١).
وفي رواية أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «قلت له : أخبرني عن الدعاء إلى الله والجهاد في سبيله ، أهو لقوم لا يحلّ إلّا لهم ، ولا يقوم به إلّا من كان منهم ، أم هو مباح لكلّ من وحّد الله عزوجل وآمن برسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله عزوجل وإلى طاعته ، وأن يجاهد في سبيل الله؟
فقال : ذلك لقوم لا يحلّ إلّا لهم ، ولا يقوم به إلّا من كان منهم. فقلت : من أولئك؟ فقال : من قام بشرائط الله عزوجل في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عزوجل ، ومن لم يكن قائما بشرائط الله عزوجل في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد والدعاء إلى الله حتّى يحكم في نفسه بما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد.
قلت : بيّن لي يرحمك الله. فقال : إنّ الله عزوجل أخبر في كتابه الدعاء إليه ، ووصف الدعاة إليه ، فجعل ذلك لهم درجات يعرّف بعضها بعضا ، ويستدلّ ببعضها على بعض ؛ فأخبر أنّه تبارك وتعالى أوّل من دعا إلى نفسه ودعا إلى طاعته واتّباع أمره ، فبدأ بنفسه ؛ فقال : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢).
ثمّ ثنّى برسوله ؛ فقال : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٣) ـ يعني : القرآن ـ ولم يكن داعيا إلى الله عزوجل من خالف أمر الله ويدعو إليه بغير ما أمر في كتابه الذي أمر أن لا يدعى إلّا به ، وقال في نبيّهصلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي
__________________
(١). وسائل الشيعة ـ أبواب جهاد العدوّ ب ٧ ح ١.
(٢). يونس / ٢٥.
(٣). النحل / ١٢٥.