إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١) ـ يقول : تدعو ـ
ثمّ ثلّث بالدعاء إليه بكتابه أيضا ؛ فقال تبارك وتعالى : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) ـ أي : يدعو ـ (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ) (٢).
ثمّ ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه ، فقال : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(٣).
ثمّ أخبر عن هذه الأمّة وممّن هي ، وأنّها من ذرّيّة إبراهيم عليهالسلام وذرّيّة إسماعيلعليهالسلام من سكّان الحرم ، ممّن لم يعبدوا غير الله قطّ ، الّذين وجبت لهم الدعوة ـ دعوة إبراهيم وإسماعيل ـ من أهل المسجد ، الّذين أخبر عنهم في كتابه أنّه أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، الّذين وصفناهم قبل هذه في صفة أمّة إبراهيم ، الّذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (٤).
يعني : أوّل من اتّبعه على الإيمان به والتصديق له بما جاء من عند الله عزوجل من الأمّة التي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق ، ممّن لم يشرك بالله قط ولم يلبس إيمانه بظلم ، وهو الشرك.
ثمّ ذكر أتباع نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأتباع هذه الأمّة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجعلها داعية إليه ، وأذن له في الدعاء إليه ، فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٥).
ثمّ وصف أتباع نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من المؤمنين ؛ فقال عزوجل : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) (٦). الآية. وقال : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ
__________________
(١). الشورى / ٥٢.
(٢). الإسراء / ٩.
(٣). آل عمران / ١٠٤.
(٤). يوسف / ١٠٨.
(٥). الأنفال / ٦٤.
(٦). الفتح / ٢٩.