الإسلاميّة أو العلوم الإنسانية ، ولنضرب الأمثلة لنماذج تلك العوامل المزبورة :
* فأمّا رقابة المسلمين الشديدة على الحكم والحاكم ، التي ربّاهم عليها رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومحاسبتهم لكلّ صغيرة وكبيرة ، وأنّ الظروف المحيطة بالحاكم والحكم ما كانت تسمح له بتغيير كلّ معالم النظام السياسي والاجتماعي والمعنوي الذي شيّده رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ فمن أمثلة ذلك :
قول عمر بن الخطّاب لابن عبّاس : لو وليها عثمان لحمل بني أبي معيط على رقاب الناس ، ولو فعلها لقتلوه (١). وفي نقل آخر عنه : لو ولّيتها عثمان لحمل آل أبي معيط على رقاب الناس ، والله لو فعلت لفعل ، ولو فعل لأوشكوا أن يسيروا إليه حتّى يجزّوا رأسه (٢) وهذا ما حدث ؛ إذ ثار المسلمون على عثمان وقتلوه ، بسبب الإثرة في السلطة وفي المال وفي مقدّرات المسلمين التي خصّصها بذويه وعشيرته وبني أميّة. وهذه القوّة لرقابة الناس التي يصوّرها عمر في العقد الثالث الهجري فكيف هي في العقد الثاني ، وفي أوائل العهد الذي تلا العهد النبوي؟!
وقول عليّ عليهالسلام لعثمان ؛ وقد كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلي وجوهر فأخذ منه عثمان ما حلّى به بعض أهله ، فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك ، وكلّموه فيه بكلام شديد حتّى أغضبوه فقال : هذا مال الله ، أعطيه من شئت وأمنعه من شئت ، فأرغم الله أنف من رغم وفي لفظ آخر : لنأخذنّ حاجتنا من هذا الفيء وإن رغمت أنوف أقوام ؛ فقال له عليّ عليهالسلام : إذا تمنع من ذلك ويحال بينك وبينه (٣). وقد صعد عمر المنبر يوما وقال : لو صرفناكم عمّا تعرفون إلى ما تنكرون ما كنتم؟ فأجابه عليّ عليهالسلام : إذا كنّا نستتيبك ، فإن تبت قبلناك. فقال : وإن لم؟ قال : نضرب عنقك الذي فيه عيناك. فقال عمر : الحمد لله
__________________
(١). أنساب الأشراف ٥ / ١٦.
(٢). ذكره القاضي أبو يوسف في الآثار : ٢١٧.
(٣). أنساب الأشراف ٦ / ١٦١.