ومن الغريب تمسّك التفتازاني بوجه عقلي نقلي لعدالة جميع الصحابة ؛ وهو أنّهم نقلة الدين! ، ومراده أنّه لو لا ذلك لبطل نقل الشريعة ، وهذا غير لازم لنفيها عن المبطل خاصّة دون المحقّ. هذا مع أنّ التفتازاني نفسه ذكر حديث الثقلين آخذا به ، قال : «أنّهصلىاللهعليهوآلهوسلم قرنهم بكتاب الله في كون التمسّك بهما منقذا من الضلالة ، ولا معنى للتمسك بالكتاب إلّا الأخذ بما فيه من العلم والهداية ، فكذا في العترة» (١) ، فإذا كانت العترة عدل الكتاب في التمسّك بهما كشرط للنجاة من الضلالة فأي انبطال للشريعة وراء ذلك ، وهل يخلط الحابل بالنابل وتؤخذ الشريعة عن من لا حظّ له في الإيمان والعلم. بل الاعتماد في الدين على كلّ من هبّ ودبّ اعتماد على غير ركن وثيق.
هذا ومن المسائل التي تصبّ في هذا البحث وترتبط به بنحو ما هو إصدار أكثر العامّة على مشروعية إمامة المتغلب بالقهر والبغي على رءوس المسلمين ، وأنّه لا مانع من إمامة الفاسق والجاهل ، ويتردد الناظر الباحث هل لهذا القول في الإمامة صلة بإمامة الأوائل من الصحابة وقول الثاني :
إن كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمّت ، ألا وإنّها كانت كذلك ، ولكن الله وقى شرها ... من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي
__________________
(١). شرح المقاصد ٥ / ٣٣.