بايعه تغرة أن يقتلا ... فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتّى فرقت من الاختلاف ، فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر ... خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعه أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا فإمّا بايعناهم على ما لا نرضى وإمّا نخالفهم فيكون فسادا ، فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا. هكذا نصّ عبارته في صحيح البخاري (١).
وصدر الحديث الذي رواه عن ابن عباس ، قال : كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف ، فبينما أنا في منزله عنى وهو عند عمر بن الخطاب ان آخر حجّة حجّها إذ رجع إلى عبد الرحمن فقال : لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال : يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول : لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا ، فو الله ما كانت بيعة أبي بكر إلّا فلتة تمّت ، فغضب عمر ، ثمّ قال : إنّي إن شاء الله لقائم للعشية في الناس فمعذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم ، قال عبد الرحمن : فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل ، فإنّ الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم ... قال ابن عباس : فقدمنا المدينة ... فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلمّا رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل : ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف ... فجلس عمر على المنبر ، وقال : ... ثمّ أنّه بلغني أنّ قائلا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا ، فلا يغترن امرؤ أنّ يقول إنّما كانت بيعة أبي بكر ... الخ.
فإنّ مسلسل الرواية أن قائلا قال بعزمه على بيعة الفلتة وأنّ الثاني غضب لأنّ هذه البيعة بيعة الفلتة ـ البغتة والفجأة والنهزة والخلسة والاغترار والمبادرة ـ غضب
__________________
(١). باب رجم الحبلى من الزنا اذا احصنت ، كتاب الحدود ، باب ٣١.