لأمور المسلمين وأنّه يريد تحذيرهم من هؤلاء الغاصبين وأنّ ما وقع من بيعة الأوّل ألا وإنها كانت كذلك ، وكانت ذات شرّ وقى الله المسلمين شرّها وأنّها من غير مشورة من المسلمين إذ كان لغطا واختلافا في الآراء عند مداولة الإمامة والخلافة والبيعة بينهم ، وأنّ المرتكب لها يستحق القتل ، وأنّ مباغتته ببيعة الأوّل مدافعة للآخرين ، هكذا يرسم لنا الخليفة الثاني إمامة الأوّل. وعلى أيّة حال فإنّ مثل هذه الإمامة على تقدير مشروعيتها ـ بمنطق العسكر والقوة لا بمنطق الدين والعقل ـ فإنّها لا توجب كون صاحبها لا يزلّ ولا يخطأ وتتبع سنته قائمة إلى يوم القيامة ويكون له حظّ المشرّع في الدين.
والحاصل أنّ تحرير العامّة لمسألة عدالة الصحابة ومسألة حرمة الخوض في الفتن التي جرت بينهم ومسألة الإمامة وما يرتبط بها من مسائل أخرى ، يجدها الباحث الناظر مضطربة الوجوه ، مترددة بين الإمامة كعهد من الله ورسوله لا يزلّ ولا يخطأ ، وبين كونه مجتهدا كبقية المجتهدين ، أو أنّ حجيّة قوله وفعله كراوي من رواة الأخبار ، وأنّ إقامة البحث عن مسألة عدالة الصحابة ليست كما يفيده عنوان البحث بل هو حول فئة خاصّة من الصحابة الذين عقدوا البيعة لأبي بكر وأنّ البحث هو لضرب سياج وحواجز عن التنقيب والبحث عن أحوال وصفات وممارسات تلك الفئة وأن ما عقدوا من مباحث مسائل الإمامة هو الآخر في هذا الاتجاه.
وممّا يشهد بتدافع تحرير المسائل عندهم هو أنّهم يستدلّون على الإمامة بأدلّة مفادها لزوم عصمة الإمام ، مع أنّهم يجيرونها للامامة العقدية بالبيعة السياسية ، ومثال ذلك الحديث النبوي «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» فإنّ مفاد الحديث وجوب معرفة الإمام في كلّ زمان وواضح أنّه واجب اعتقادي كوجوب معرفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والإذعان برسالته ، ويزيد ذلك وضوحا أنّه جعل فاقد تلك المعرفة ميتته ميتة كفر ، وفي الحديث عناية ولطيفة وهو أنّه جعل كفره عند موته كفر من لم يدخل الإسلام ، لا كفر من دخل الإسلام وارتدّ عنه ، ومن البيّن في بداهة الشرع والعقل أنّ من