تجعل معرفته بهذا الشأن لا يمكن أن يكون من يزلّ ويخطل أو يجهل ويضلّ ، بل لا بدّ أن يكون مقامه في الدين يتلو مقام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم معصوما مطهّرا أذهب عنه الرجس وطهّره تطهيرا ، وغير ذلك من الأمثلة.
كما أنّه يلاحظ في نظم الأدلة والوجوه في تلك المسائل عندهم ، التكديس الركامي من دون تمحيص مؤدى كلّ دليل أو وجه ، ومن دون مقايسته بأدلّة الطرف الآخر ، فتراهم مثلا يتمسكون بحجيّة سنّة الشيخين بأحاديث آحاد قد تكون حسنة الاسناد عندهم ، بينما لا يقابلونها مع الأحاديث المتواترة بطرقهم كحديث الثقلين ، وحديث المنزلة ، والغدير وغيرها ، فانظر مثلا إلى التفتازاني في شرح المقاصد عند ما يستعرض وجوه وأدلّة إمامة عليّعليهالسلام يقرّ بجملة فضائله إلّا أنّه يحكم ويكيل عشوائيّا بأنّ فضائل الشيخين أولى ، مع أنّه هو نفسه حكى عن إمام الحرمين أنّ روايات الفضائل في الأربعة متعارضة والترجيح ظنّي ، مع أنّه لو تعمّق في موازنة كلّ وجه من الوجوه ومدى مؤداه ومقابلته مع الوجه في الطرف الآخر سواء من حيث قوّة السند والدلالة وعلوّ وشموخ المعنى ومسلّمية المصداق المراد بين الفريقين عن غيره ، والأهمّ هو تحليل الفضيلة التي هي عبارة عن كمال ما ؛ فإنّه عنوان مجمل عامّ لا بدّ من تقرير حدّه هل ينطبق على العصمة أو على عمل خاصّ معيّن دون أن يحدث صفة كمالية دائمة في الشخص أو على غير ذلك ممّا يتناسب مع صفات الراوي ونحوه ، والغريب من التفتازاني في الكتاب المزبور مع أنّه يتذمّر من معاوية ويزيد وبني أميّة وما فعلوه من ظلم بذريّة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلّا أنّه يقرر إمامة المتغلّب الباغي القاهر للمسلمين بسيفه وسطوته ، ولا تنقضي الغرائب بسبب تدافع المباني وتردد تحرير المسائل لديهم بنحو مجمل لا توزن فيه مرتبة الحجّة وسنخها ونوعها ومداها.