الثانية : عصيان أهل البلاد المفتوحة ؛ وتجلّى ذلك في قيام الموالي بقتل الخليفة الثاني بعد أن رأوا أنّهم قد خدعوا بأمل المساواة والعدالة في ظلّ دين الإسلام ؛ إذ وجدوا أنّ نظام السقيفة يستحقرهم ويعدّهم مواطنون في الدين من الدرجات الدانية ، ومن ثمّ بدأت تظهر الحركات والمسارات الشعوبية منادية بإحياء النزعة القومية والعرف العرقي مقابل العرق العربي، فكأنّهم انطبع لديهم أنّ الدين الإسلامي وسيلة اتّخذها العرب للسيادة على الشعوب والقوميات الأخرى ، وهذا الملف الشعوبي طويل الذيل لا يكاد يخلو منه كتاب تاريخ أو كتاب تراجم رجال.
وهكذا الحال بالنسبة لأهل مصر والعراق ؛ إذ ثاروا على الخليفة الثالث فقتلوه عند ما شاهدوا استئثار عشيرته بالمال ، وعيثهم بمقدّسات الدين. بينما نرى أنّ من اغتال عليّعليهالسلام ليس من أهل البلاد المفتوحة ، بل هو من أصحاب الانحراف الفكري الشذوذي من المسلمين ، وهم الخوارج ، أي أصحاب نظرية فكرية ممسوخة عن ثوابت الدين الحنيف. أمّا الأوّل فذكر أنّه سمّ ، وقيل : لعلّه لتقاطع المصالح بين جماعة السقيفة بين بعضهم البعض ، ولا مجال لذكر مؤشّرات ذلك في المقام.
الثالثة : دخول الروم وأوربا عموما في الدين المسيحي بعد أن كانوا وثنيّين في القرن الثاني الهجري ، كما تذكر المصادر التاريخية وهذه حادثة مرّة على كلّ مسلم ومؤمن.
فأين ذهب نور الدين القويم ، وأين ذهبت جاذبية مباديه العالية؟! وأين هو نور جاذبية سيرة الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! وأين هي ظاهرة : (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) (١)؟! وأين هو الوعد الإلهي : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(٢)؟!
والغريب أنّ الجانب والعامل المؤثّر لدخول البلدان الأوروبية في الديانة
__________________
(١). النصر / ٢.
(٢). الصفّ / ٩.