الضمير إلى النطق من قبيل : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوىٰ) (١) لا يخدش في الظهور بعدما عرفت من عموم النطق لكلّ مقال منه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، غاية الأمر : أنّ استناده إلى أنواع أقسام من الوحي ، لا خصوص الوحي التشريعي والتكليمي ; كي يقال : إنّ الوصف خاصّ بالتبليغ عن الله تعالى.
ونظير هذا ـ المفاد من إطلاق عصمته في كلّ شؤونه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ـ : قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٢) ؛ فإنّها شهادة من العظيم المتعال ، والخُلُق على أقسام ، كما ذكر الحكماء : أخلاق الإنسان في تدبير نفسه وصفاتها ، وأخلاق الإنسان في تدبير أُسرته، وهي الحكمة المنزلية المعاشية الخاصّة ، وأخلاق الإنسان في تدبير المجتمع البشري والنظام المدني الاجتماعي ، وهي الحكمة السياسية ، والآية في عموم الخُلُق ..
ثمّ وصفه الباري تعالى بأنّ هذا الخُلُق : عظيم ، مع أنّه تعالى وصف متاع كلّ الدنيا : (قُلْ مَتٰاعُ الدُّنْيٰا قَلِيلٌ) (٣).
وفي صحيح فضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليهالسلام) يقول لبعض أصحاب قيس الماصر : «إن الله عزّ وجلّ أدّب نبيّه فأحسن أدبه ، فلمّا أكمل له الأدب قال : (وَإِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)
ثمّ فوّض إليه أمر الدين والأُمّة ، ليسوس عباده ; فقال عزّ وجلّ : (وَمٰا آتٰاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمٰا نَهٰاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٤).
وإنّ رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) كان مسدّداً موفّقاً مؤيّداً بروح القدس ، لا يزلّ ولا يخطئ في شيء ممّا يسوس به الخلق ، فتأدّب بآداب الله ..
ثمّ إنّ الله عزّ وجلّ فرض الصلاة ركعتين ركعتين ، عشر ركعات ، فأضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الركعتين ركعتين ، وإلى المغرب ركعة ، فصارت عديل الفريضة ، لا يجوز تركهنّ إلاّ في سفر ، وأفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر ،
__________________
(١) سورة المائدة ٨ : ٥.
(٢) سورة القلم ٤ : ٦٨.
(٣) سورة النساء ٧٧ : ٤.
(٤) سورة الحشر ٧ : ٥٩.