قال الرضا (ع) : ((إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده ، فرأى امرأته تغتسل ، فقال لها : (سبحان الذي خلقك) ، وإنّما أراد بذلك تنزيه الله عن قول من زعم : إنّ الملائكة بنات الله ، فقال الله : (أَفَأَصْفٰاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلاٰئِكَةِ إِنٰاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) (١) ، فقال النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ـ لمّا رآها تغتسل ـ : (سبحان الذي خلقك) أن يتّخذ ولداً يحتاج إلى هذا التطهير والاغتسال.
فلمّا عاد زيد إلى منزله أخبرته امرأته بمجيء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقوله لها : سبحان الذي خلقك ، فلم يعلم زيد ما أراد بذلك ، وظنّ أنّه قال ذلك لِما أعجبه من حسنها ، فجاء إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا رسول الله! إنّ امرأتي في خلقها سوء ، وإنّي أُريد طلاقها.
فقال له النبيّ : أمسك عليك زوجك ، واتّقِ الله.
وقد كان الله عرّفه عدد أزواجه ، وأنّ تلك المرأة منهن ، فأخفى ذلك في نفسه ولم يبده لزيد ، وخشي الناس أن يقولوا : إنّ محمّداً يقول لمولاه : إنّ امرأتك ستكون لي زوجة ، فيعيبوه بذلك ، فأنزل الله عزّ وجلّ : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللّٰهُ عَلَيْهِ) ، يعني بالإسلام ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ، يعني بالعتق ، (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللّٰهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللّٰهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النّٰاسَ وَاللّٰهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشٰاهُ).
ثمّ إنّ زيد بن حارثة طلّقها ، واعتدّت منه ، فزوّجها الله عزّ وجلّ من نبيّه محمّد (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وأنزل بذلك قرآناً ; فقال عزّ وجلّ : (فَلَمّٰا قَضىٰ زَيْدٌ مِنْهٰا وَطَراً زَوَّجْنٰاكَهٰا لِكَيْ لاٰ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوٰاجِ أَدْعِيٰائِهِمْ إِذٰا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكٰانَ أَمْرُ اللّٰهِ مَفْعُولاً)(٢).
ثمّ علم الله عزّ وجلّ أنّ المنافقين سيعيبوه ; فأنزل الله : (مٰا كٰانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمٰا فَرَضَ اللّٰهُ لَهُ) (٣).
فقال المأمون : لقد شفيت صدري يا ابن رسول الله ، وأوضحت لي ما كان
__________________
(١) سورة الإسراء ٤٠ : ١٧.
(٢) سورة الأحزاب ٣٧ : ٣٣.
(٣) سورة الأحزاب ٣٨ : ٣٣.