(وَوَجَدَكَ ضَالاًّ) يعني : عند قومك ، فَهَدىٰ أي : هداهم إلى معرفتك؟
ووجدك عائلا فأغنى ، يقول : أغناك بأن جعل دعاءك مستجاباً؟ و ...
وفي قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمٰا تَأَخَّرَ) ، فقال (ع) ((لم يكن أحد عند مشركي أهل مّكة أعظم ذنباً من رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ; لأنّهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنماً ، فلما جاءهم بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم ، وقالوا : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلٰهاً وٰاحِداً إِنَّ هٰذٰا لَشَيْ ءٌ عُجٰابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هٰذٰا لَشَيْ ءٌ يُرٰادُ * مٰا سَمِعْنٰا بِهٰذٰا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هٰذٰا إِلاَّ اخْتِلاٰقٌ) (١).
فلمّا فتح الله عزّ وجلّ على نبيّه مكّة قال له : يا محمّد! : (إِنّٰا فَتَحْنٰا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمٰا تَأَخَّرَ) عند مشركي أهل مكّة بدعائك إيّاهم إلى توحيد الله في ما تقدّم وما تأخّر ; لأنّ مشركي مكّة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكّة ، ومن بقي منهم لا يقدر على إنكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه ، فصار ذنبه عندهم مغفوراً بظهوره عليهم)).
فقال المأمون : لله درّك يا أبا الحسن! فأخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : عَفَا اللّٰهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ.
فقال الرضا (ع) ((هذا ممّا نزل ب ـ : (إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة) ، خاطب الله بذلك نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأراد به أُمّته ..
وكذلك قوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخٰاسِرِينَ) ..
وقوله عزّ وجلّ : (لَوْ لاٰ أَنْ ثَبَّتْنٰاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً).
قال المأمون : صدقت يا بن رسول الله! فأخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللّٰهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللّٰهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللّٰهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النّٰاسَ وَاللّٰهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشٰاهُ).
__________________
(١) سورة ص ٥ : ٣٨ ـ ٧.