والمتصلّبين في دين الله وطاعته!
وعلى هذا المعدّل والمنهج ترى كلّ الكتب أُلّفت وجُمعت ; فاللازم على الباحث مراجعة آثار العترة الطاهرة من أهل بيت النبوّة ; إذ يجد المتتبّع أنّهم (عليهم السلام) يوضّحون الخطوط العامّة والبنى الأساسيّة في سيرة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما يطلعون المسترشد بهم على غوامض التنزيل للآيات القرآنيّة ، والأحداث المسطورة في الكتاب العزيز ، وما جرى من تلاعب بيد تيار الحزب القرشي في تزويرها ، وكتمان وتغيير حقائقها.
وفي الحقيقة إنّ هذه المحطّة ـ وهي البحث في السيرة وأسباب النزول ـ وإن لم يوليها كثير من الباحثين في التفسير والفقه والعقيدة عناية التمحيص والفحص والتتبّع ، واستقصاء الشواهد المزيلة لستار الإخفاء الممارس على حقائق مجرياتها ، إلاّ أنّها في غاية الخطورة والأهمّية ، لا سيّما وإنّ السيرة وأسباب النزول هي من العناصر الحسّاسة في تفسير الآيات ، وبالتالي من مكوّنات دلائل العقيدة وقواعد المعرفة الدينية.
ألا ترى إلى ما سبق ـ في الحلقة السابقة ـ من استعراض جملة من كلمات أعلام أهل سُنّة الجماعة ، كيف التزموا بأنّ أحكام النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) هي اجتهادات تخطئ وتصيب ، وأنّ المخالفة له (صلىاللهعليهوآلهوسلم) مع التأوّل والاجتهاد المخالف محتمل للصواب؟!
فتراهم يبنون قاعدة بالغة الخطورة إلى الدرجة القصوى في الدين والعقيدة ، على مكوّنات الكتب المزبورة للسيرة وأسباب النزول ، والتي تتناقض مع محكمات الكتاب ، وتتهافت رواياتها في ما بينها عند المتأمّل البصير.
وهذه القاعدة تفتح لهم الطريق لتسويغ وتبرير التمرّد على النصّ في الخلافة والوصيّة.
ومن تلك الموارد التي خاضوا في مزايداتها بين عصمة النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وعدالة الصحابة: