فقال : وأين؟!
فقال : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاٰ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَهُمْ).
قال : فإنّي سأزيد على سبعين
فأنزل الله عزّ وجلّ : (وَلاٰ تُصَلِّ عَلىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً وَلاٰ تَقُمْ عَلىٰ قَبْرِهِ) .. الآية ؛ فأرسل إلى عمر فأخبره بذلك ، وأنزل الله : (سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (١) (٢).
وأخرج رواية أُخرى : ((أنّه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) كفّنه في قميصه ; فنزلت الآية ، قال : فذكروا القميص ، قال : وما يغني عنه قميصي؟ والله إنّي لأرجو أن يسلم به ألف من بني الخزرج ; فأنزل الله : (وَلاٰ تُعْجِبْكَ أَمْوٰالُهُمْ وَأَوْلاٰدُهُمْ) (٣) ... الآية (٤))).
وأخرج السيوطي في ذيل الآيات السابقة على آية : (لاٰ تُصَلِّ عَلىٰ أَحَدٍ) في قوله تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاٰ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَهُمْ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّٰهِ وَرَسُولِهِ وَاللّٰهُ لاٰ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفٰاسِقِينَ) : ((عن أحمد ، والبخاري ، والترمذي ، والنسائي ، وابن أبي حاتم ، والنحّاس ، وابن حبّان ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في الحلية ، عن ابن عبّاس ، قال : سمعت عمر يقول : لمّا توفّي عبد الله بن أُبي دُعي رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) للصلاة عليه ، فقام عليه ، فلمّا وقف قلت : أعلى عدوّ الله عبد الله بن أُبي القائل كذا وكذا ، والقائل كذا وكذا؟! أُعدّد أيّامه ورسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يبتسم ..
حتّى إذا أكثرت قال : يا عمر! أخّر عنّي ، إنّي قد خيّرت ; قد قيل لي : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاٰ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) ، فلو أعلم أنّي إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها.
ثمّ صلّى عليه رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ومشى معه حتّى قام على قبره ، حتّى فرغ منه ، فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) والله ورسوله أعلم.
__________________
(١) سورة المنافقون ٦ : ٦٣.
(٢) الدرّ المنثور ٢٦٦/٣ ، الطبعة القديمة.
(٣) سورة التوبة (براءة) ٨٥ : ٩.
(٤) الدرّ المنثور ٢٦٦/٣ ، الطبعة القديمة.