فوالله ما كان يسيراً حتّى نزلت هاتان الآيتان : (وَلاٰ تُصَلِّ عَلىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً وَلاٰ تَقُمْ عَلىٰ قَبْرِهِ) فما صلّى رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) على منافق بعده حتّى قبضه الله عزّ وجلّ)) (١).
وأخرج السيوطي أيضاً : ((عن ابن أبي حاتم ، عن الشعبي : أنّ عمر ابن الخطّاب قال : لقد أصبت في الإسلام هفوة ما أصبت مثلها قطّ ، أراد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) أن يصلّي على عبد الله بن أُبي فأخذت بثوبه فقلت : والله ما أمرك الله بهذا ، لقد قال الله : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاٰ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَهُمْ).
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : قد خيّرني ربّي.
فقعد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) على شفير القبر ، فجعل الناس يقولون لابنه : يا حبّاب! افعل كذا ، فقال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الحبّاب اسم شيطان ، أنت عبد الله (٢).
وحكى السيوطي عن السدي : أنّ الآية نسخت الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم (٣).
تدافع مضامين رواياتهم :
والروايات المزبورة لا تخلو من تقاطعات داخلية في المضمون ، بغضّ النظر عن عرضها على محكمات الكتاب والسُنّة :
* الأوّل : دعوى عمر سبق النهي الإلهي عن الصلاة على المنافقين جهالةٌ ممّن تمسّك بمتشابه ; ليعترض به على ما هو برهان بيّن ومحكم مبين ; لأنّ دلالة التسوية بين الاستغفار وعدمه ـ في الآية ـ على الحرمة ، ثمّ على انطباقها على فعل الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، تتوقّف على مقدّمات ، وهذه المقدّمات كلّها غير تامّة ، بل ظنّية متشابهة ..
__________________
(١) الدرّ المنثور ٢٦٦/٣ ، في ذيل الآيات المذكورة.
(٢) الدرّ المنثور ٣ / ٢٦٦.
(٣) الدرّ المنثور ، في ذيل الآيات المذكورة في المتن.