١ ـ استفادة الحرمة من مجرّد التسوية محلّ نظر ومنع ; فإنّه إخبار عن اللَغويّة وعدم الثمرة ، لا ثبوت المفسدة والحزازة.
نعم ، قد جاءت في آيات أُخرى وردت في النهي عن الاستغفار للكافرين المعادين لله تعالى ، نزلت في ما بعد ذلك.
٢ ـ إنّما تتحقّق اللَغويّة وعدم الجدوائيّة من الاستغفار فيما إذا كان الاستغفار مراداً بجدّية من الكلام ، وليس إذا كان مجرّد استعمال لفظي لا يراد معناه بالإرادة الجدّية ، بل يراد منه أمراً آخر ، كما في بعض تلك الروايات المتضمّنة : ((وما يُغني عنه قميصي ، والله إنّي لأرجو أن يسلم به أكثر من ألف من بني الخزرج)) ; فهو ليس باستغفار حقيقي ، بل صوري يراد به أمراً آخر.
ومضمون هذه الرواية يناقض ويكذّب دعوى نزول النهي عن الصلاة على موتى المنافقين لنسخ ما كان يفعله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ; لأنّ الاستغفار الصوري ليس صلاةً عليهم.
٣ ـ إنّ إيقاع هيئة الصلاة على المنافق لا تستلزم الدعاء له والاستغفار ، بل بالإمكان تضمّنها الدعاء على المنافق ولعنه في تلك الصلاة ; فتكون متضمّنة لكلّ من : التشهّد ، الصلاة على النبيّ وآله ، الدعاء للمؤمنين ، ثمّ الدعاء على المنافق ولعنه.
أو بالإمكان الاقتصار على التشهّد ، والصلاة على النبيّ وآله ، والدعاء للمؤمنين فقط ، وإنهاء الصلاة بذلك ، والدعاء للمؤمنين لا يشمل المنافق ; لعدم تحقّق الوصف ، فلا ينطبق عليه كي يكون دعاءً له واستغفاراً ..
ففقه صلاة الجنازة لا يستلزم ولا يتضمّن بالضرورة الدعاء الاستغفار للميّت إذا كان منافقاً.
وهذه الهيئة من الصلاة على المنافق لم يتركها رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) إلى آخر حياته ، كما جاء في روايات أهل البيت (عليهم السلام) ، وهم أدرى بما في البيت ، ممّا يعطي أنّ مفاد قوله تعالى : (وَلاٰ تُصَلِّ عَلىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً وَلاٰ تَقُمْ عَلىٰ قَبْرِهِ) هو النهي عن الدعاء للمنافق والاستغفار له ، لا عن إقامة الصلاة عند جنازة المنافق خاليةً من الدعاء والاستغفار له ، متضمّنةً للتشهّد ، والدعاء للنبيّ وآله بالصلاة عليه وعليهم ، والدعاء للمؤمنين ، وهو غير شامل له ، فضلاً عمّا لو ضمّ إلى ذلك : الدعاء عليه ولعنه ..