القاصرة على حكم الرسول الأعظم (صلىاللهعليهوآلهوسلم).
وهذا الذي سوّلت لهم أنفسهم به قد جرّأهم ـ في ما بعد ـ على التمرّد على النصّ النبويّ في جملة من المنعطفات الخطيرة في مسيرة إرساء قواعد الدين.
* الثاني : إذا كان الوحي الإلهي في قوله تعالى : (وَلاٰ تُصَلِّ عَلىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مخطّئاً) لفعل النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) والعياذ بالله تعالى ، ومقرّراً للتمرّد والعصيان عليه ومخالفته (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، فكيف يقول عمر : لقد أصبت في الإسلام هفوة ما أصبت مثلها قطّ ; أراد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) أن يصلّي ...)؟!
فإذا كان هو الراوي للواقعة والحادثة ، ويزعم نزول الآية في تقريره على ما فعله مع رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، فكيف تكون هذه هفوة ما أصاب مثلها قطّ في الإسلام؟!
وكيف يجعلونها منقبة له ، وهم يروون أنّه أخذ بثوب النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وتكلّم بتلك الكلمات التي نصبت منه شخصاً يدين مقام الوحي النبويّ ويحاكمه والعياذ بالله؟!
لكنّ هذا الحدث هل كان هو الوحيد الذي وقفه عمر مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أم هناك مواقف أُخرى؟!
بل له مواقف أُخرى عديدة ..
* منها : ما ورد في أسباب نزول أوّل سورة الحجرات :
وهو ما رووه في نزول قوله تعالى : (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّٰهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللّٰهَ إِنَّ اللّٰهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَرْفَعُوا أَصْوٰاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاٰ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمٰالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاٰ تَشْعُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوٰاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللّٰهِ أُولٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللّٰهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوىٰ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) (١).
فقد جعلوا التقديم بين يدي الله ورسوله في مواطن كثيرة لعمر منقبةً وحميّة للدين ، كما جعلوا التكلّم مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بخشونة وجفاء تقوىً عالية.
__________________
(١) سورة الحجرات ١ : ٤٩ ـ ٣.