والمدح لخُلُقه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ؛ : (وَإِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (١).
وأنّه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) أُرسل رحمةً للعالمين : (وَمٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّرَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ) (٢).
وأنّه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لا يعمل ولا ينطق إلاّ عن وحي ، إمّا تسديدي ، أو تأييدي ، أو توفيقي ، أو تكليمي ، أو إيحائي ، أو غيرها من طرق وأنواع الوحي.
وأنّ الأُمّة لا يمكنها أن تستغني عن استغفاره وشفاعته (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ; فالله تعالى لا يغفر لهذه الأُمّة ذنباً إلاّ بالتوسّل بالنبيّ والالتجاء إليه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وإلاّ بعد شفاعته ؛ قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جٰاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّٰهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّٰهَ تَوّٰاباً رَحِيماً) (٣).
فاشترط سبحانه مجيئهم للنبيّ أوّلاً ، وهو توسّلهم به ، ثمّ استغفارهم ، وهو ندمهم ، وليس ذلك بمجرّده توبة ، بل لا بدّ من استغفار الرسول لهم ، وهو شفاعته (صلى الله عليه وآله وسلم) لأُمّته; كي يتوب الباري تعالى على هذه الأُمّة.
وقد تقدّم دلالة : (وَمٰا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ) (٤) على أنّ النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) كتلة ملؤها الوحي سيرةً وقولاً وفعلاً وتقريراً : إِنْ هُوَ : أي بتمام وجوده ، والضمير عائد إلى النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بمقتضى السياق والجمل.
وأنّه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) سيّد الأنبياء ; إذ لم يُبعث نبيّاً منهم بالنبوّة إلاّ بعد أخذ الميثاق عليه بالإقرار بنبوّة سيّد الأنبياء ، والالتزام بنصرته ، وغلّظ على الأنبياء الإصر بالوفاء بهذا الالتزام: (وَإِذْ أَخَذَ اللّٰهُ مِيثٰاقَ النَّبِيِّينَ لَمٰا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتٰابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جٰاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمٰا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قٰالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قٰالُوا أَقْرَرْنٰا قٰالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّٰاهِدِينَ) (٥) ..
وغيرها من المقامات العظيمة.
فمع كلّ هذا ; كيف تمنّيهم عقولهم وأنفسهم أن يحكّموا أفهامهم الظنّية
__________________
(١) سورة القلم ٤ : ٦٨.
(٢) سورة الأنبياء ١٠٧ : ٢١.
(٣) سورة النساء ٦٤ : ٤.
(٤) سورة النجم ٣ : ٥٣ ، ٤.
(٥) سورة آل عمران ٨١ : ٣.