الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدٰادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللّٰهُ أَعْمٰالَهُمْ).
هذه صفة التسليم والطاعة لديهم ، ونعت المخبتين ، ويفسّرون ذلك بأنّه اجتهاد في مقابل اجتهاد النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) والعياذ بالله تعالى.
* الثالث : إسنادهم وتوصيفهم للنبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ـ الذي نصّبه الله تعالى معلِّماً للأنبياء والرسل والأُمم ، وشاهداً عليهم ، ويعلّم الكتاب والحكمة ـ إنّه يزيد على السبعين ليغفر الله للمنافقين ; لعدم وضوح معنى الآية : (اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاٰ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَهُمْ ، بينما المعنى واضح لدى عمر ، الذي قال عن نفسه ما قال من أفقهيّة المرأة منه في القصّة المعروفة) (١).
فلماذا هذا التطاول على مقام النبوّة والرسالة ، وهي أصل من أُصول الدين الحنيف ، والغلوّ في بعض الصحابة إلى ما فوق النبوّة ، تحت قناع عدالة الصحابة؟!
ما هذه النظرة والرؤية الساقطة المنحدرة في معرفة النبوّة ، والباري تعالى يقول : (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللّٰهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلٰكِنَّ اللّٰهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمٰانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ) (٢) ؛ فإنّ الأُمّة لو تركها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بلا تدبير فسبيلها الشقاء والعنت.
مع أنّ الذي افتروه على النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من إرادته الزيادة على السبعين في الاستغفار ، يناقضه ما رووه : ((فلو أعلم أنّي إن زدت على السبعين)) ؛ فهو يفيد العلم بعدم مغفرته تعالى للمنافقين مطلقاً ، فالراوي لهذه الصورة من الحدث وقع في تهافت ، وهذا سبيل المجانب للحقيقة ، المتّخذ للزيف نهجاً!
ثمّ إنّهم زعموا ـ في هذه الروايات ـ أنّ الآية في سورة المنافقين نزلت بعد قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأزيدنّ على السبعين فنزلت : (سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَهُمْ) ، وأيّ فرق في المعنى بين الآيتين عند مَن له أدنى فهم بالكلام والمحاورة واللغة العربيّة؟!
__________________
(١) لاحظ مصادرها في : الغدير ـ للأميني ـ ٩٥/٦ ـ ٩٨ ، ط دار الكتب الإسلاميّة.
(٢) سورة الحجرات ٧ : ٤٩.