وغيرها من الروايات التي تبيّن أنّ حقيقة صلاة الجنازة هي : الدعاء والاستغفار للميّت.
وبالتالي ، فالذي نُهي عنه في الآية هو تلك الفقرة من الصلاة عند الجنازة ، لا كلّ الفقرات.
في صحيح هشام بن سالم : عن أبي عبد الله (ع) ، قال : كان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يكبّر على قوم خمساً ، وعلى قوم آخرين أربعاً ، فإذا كبّر على رجل أربعاً اتُّهم ـ يعني بالنفاقـ))(١).
وتركه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) للتكبيرة الخامسة على المنافق هو لتركه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الدعاء والاستغفار للمنافق ، بخلاف المؤمن.
وفي رواية إبراهيم بن محمّد بن حمران ، عن أبي عبد الله (ع) ـ في حديث ـ قال : ((كان يُعرف المؤمن والمنافق بتكبير رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، يكبّر على المؤمن خمساً وعلى المنافق أربعاً (٢).
غيرها من الروايات الدالّة على أنّه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لم يترك إقامة الصلاة عند جنائز المنافقين ، وإنّما ترك الدعاء والاستغفار لهم ، وهو الذي نهى الله عنه ، وليس النهي في الآية عن الفقرات الأُولى في الصلاة ، ممّا هو ذكْر وتسبيح وتحميد ، ودعاء للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله ، وللمؤمنين.
قال المفيد في المقنعة : ((روي عن الصادقين (ع) أنّهم قالوا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلّي على المؤمنين ويكبّر خمساً ، ويصلّي على أهل النفاق ... فيكبّر أربعاً; فرقاً بينهم وبين أهل الإيمان ، وكانت الصحابة إذا رأته قد صلّى على ميّت فكبّر أربعاً قطعوا عليه بالنفاق)) (٣).
من ثمّ استقرّ الحكم عند علماء الإماميّة على التفصيل المزبور في الصلاة على
__________________
(١) وسائل الشيعة ٧٢/٣ ـ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١.
(٢) وسائل الشيعة ٧٧/٣ ـ أبواب صلاة الجنازة ب ٥ ح ١٨.
(٣) المقنعة : ٣٨.