إلى نمط من المنافقين لمن يظهر نفاقهم إلى العيان ، أي كانوا في غاية التستر ، ولا ريب انّ الأباعد الذين يلقون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يحتاجون إلى هذه الشدة من التستر ، كما أنّ هؤلاء كانوا من الخطورة بمكان حتّى إنّهم احتاجوا الى هذه الشدة من التستر ، كما أنّهم مردوا واحترفوا النفاق بحيث لا يمكن اصطياد حركاتهم الظاهرة.
هذا فضلا عن النماذج الاخرى التي تستعرضها سورة التوبة ، من الأعراب وممن حول المدينة وغيرهم (١) ، فإذا كانت السورة تقسّم من صحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ممن كان يتعامل معه يوميّا أو لازموه إلى فئات عديدة صالحة وطالحة ، فكيف يعمم الصلاح الى الكل؟ فلا يكون التعميم إلّا بأن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض أو يتعامى عن النظر إلى جميع آيات السورة الواحدة أو تصمّ الآذان عن سماعها جميعا.
وهذا التقسيم ـ كما نبهنا سابقا ـ دليل على عدم اطلاق المهاجر على كلّ مكي أسلم وانتقل إلى المدينة ، وعلى عدم اطلاق الانصاري على كلّ مدني أسلم ، بل يطلق كلّ منهما
__________________
(١). مثل قوله تعالى (إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) التوبة / ٤٥.
(يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ) التوبة / ٦٤
(الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ) التوبة / ٦٧
(وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ ...) التوبة / ١٠٦
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي ...) التوبة / ٤٩
(وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ...) التوبة / ٧٥
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ ...) التوبة / ٥٨
(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ...) التوبة / ٧٩
(وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ...) التوبة / ٦١
(وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً ...) التوبة / ١٠٢