أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ* إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١).
(ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (٢).
(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (٣)
فهذه الآيات ترسم لنا وتقسّم من كان في ركب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بأنّ بعضهم كان يريد الدنيا وبعضهم الآخر يريد الآخرة ، وأنّه وقع من كثير من المسلمين فرار بعد ما شاهدوا النصر باستزلال الشيطان لهم بسبب بعض الأعمال السيّئة السابقة ، وأنّ طائفة منهم يظنّون بالله ظنّ الجاهلية ويخفون ذلك في قلوبهم ، وأنّ من صحب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في القتال منهم الطيّب ومنهم الخبيث ، وأنّ وقعة أحد كانت للتمييز بينهما.
وهذا خلاف رأي من يدّعي التعميم والمساواة في من صحب ولازم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع أنّ التمييز وقع في من كان من المسلمين أحديّ! ومن ذلك يتبيّن أنّ التوصيف بكون الشخص بدريا أو أحديا إنّما يكون منقبة إذا كان من الفئة المؤمنة ، لا ما إذا كان من الفئات الأخرى ، فليس كلّ بدري أو أحدي هو من الفئة المؤمنة الممدوحة ، بل بعضهم من الفئات المذمومة في سورتي الأنفال وآل عمران.
__________________
(١). آل عمران / ١٥٢ ـ ١٥٥.
(٢). آل عمران / ١٧٩.
(٣). آل عمران / ١٤٤.