من معرفته بالرسل والكتب المنزّلة من الله تعالى ولمعرفته بأن كل ما جاء من عند الله حق ولكنّه فاسق بكبيرته وفسقه لا ينفى عنه اسم الايمان والإسلام. وعلى هذا القول الخامس مضى سلف الامة من الصحابة وأعلام التابعين. فلما ظهرت فتنة الأزارقة بالبصرة والأهواز واختلف الناس عند ذلك فى أصحاب الذنوب على الوجوه الخمسة التي ذكرناها خرج واصل بن عطا عن قول جميع الفرق المتقدمة وزعم أن الفاسق من هذه الامة لا مؤمن ولا كافر وجعل الفسق منزلة بين منزلتى الكفر والايمان. فلما سمع الحسن البصرىّ من واصل بدعته هذه التى خالف بها أقوال الفرق قبله طرده عن مجلسه فاعتزل عند سارية من سوارى مسجد البصرة وانضمّ إليه قرينه فى الضلالة عمرو ابن عبيد بن باب كعبد صريخه أمه فقال الناس يومئذ فيهما انهما قد اعتزلا قول الأمة وسمّى أتباعهما من يومئذ معتزلة. ثم إنهما أظهرا بدعتهما فى المنزلة بين المنزلتين وضمّا إليها دعوة الناس الى قول القدرية على رأى معبد الجهنى. فقال الناس يومئذ لواصل إنه مع كفره قدرىّ وجرى المثل بذلك فى كل كافر قدرىّ. ثم ان واصلا وعمرا وافقا الخوارج فى تأييد عقاب صاحب الكبيرة فى النار مع قولهما بأنه موحّد وليس (٤٢ ب) بمشرك ولا كافر.