يسابقني على الخلافة ، وينازعنا أهل البيت فيها ، ولا علمت أن رسول الله صلىاللهعليهوآله ترك يوم غدير خم لأحد حجة ، ولا لقائل مقالا ، فأنشد الله كم (١) رجلا سمع رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم غدير خم يقول : من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ، أن يشهد اليوم بما سمع ، فقام جماعة كثيرة فشهدوا بذلك ، حتى كثر الكلام وارتفعت الأصوات وكثر الرهج إلى آخر الخبر (٢) ، إلى غير ذلك من احتجاجاته عليهالسلام. وسيأتي عن قريب ما يوضح عن هذا أيضا ، وفي هذا كفاية لمن أنصف من نفسه ، وطلب النجاة ورضى ربه والله الهادي.
ومنها معارضة ذلك كله بالإجماع ، وحسن الظن بالصحابة الممدوحين في الكتاب العزيز ، فإنهم أجمعوا على خلافة أبي بكر ، ولو علموا استحقاق علي لها لما غصبوه مقامه ولما باعوا دينهم بالدنيا.
أقول : هذا ما يتقدح في القلوب الساذجة والأنفس الخالية من معرفة الحق واليقين بالنصوص الواضحة والدلائل الراجحة وبمزايا الأمور وبقوله صلىاللهعليهوآله : كلهم في النار إلا واحدة ، فإنه دلّ على أن الناجي قليل بل نادر بالنسبة إلى الكثير من السالكين وأهل المال والآراء ، والحق تعالى قد كرر ذلك في كتابه العزيز بقوله : (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) (٣) ، (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (٤) ، (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٥) ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) (٦) ، إلى غير ذلك.
__________________
(١) (كم) زيادة على نسخة الأصل.
(٢) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج ٢٨ ـ باب ٤ ـ ص ١٨٦ وما بعدها ، ط الجديدة ، الاحتجاج للطبرسي ج ١ وج ٢ ـ ط النجف.
(٣) سورة ص ، آية ٢٤.
(٤) سورة سبأ ، آية ١٣.
(٥) سورة الأنعام ، آية ١١٦.
(٦) سورة هود ، آية ١٧ ، سورة الرعد ، آية ١.