سلوك طريق لا ضلالة فيه. قال : العلامة التفتازاني (١) في شرح المقاصد : فإن قيل قال عليهالسلام : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به وأهل بيتي الخ .. ، وقال : إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ومثل هذا يشعر بفضلهم على العالم وغيره ، قلت : نعم ، لاتصافهم بالعلم والتقوى مع شرف النسب ، إلا يرى أنه صلىاللهعليهوآله قرنهم بكتاب الله في كون التمسك بهم منقذا من الضلالة ، ولا معنى التمسك بالكتاب إلا أخذ بما فيه والهداية فكذا في العترة (٢).
ومنها أن العترة معصومة لأنه أخبره بأنها لا تفترق عن القرآن ، ومن المعلوم أن من ترك واجبا أو فعل حراما فقد فارق القرآن وسلك غير طريقه ، وإذا كان التمسك بهم تمسك بالقرآن كانوا معصومين ومنها اطلاعهم على ما تحتاج إليه الأمة من العلوم على الوجه الذي يعلم الله تعالى أنه الحق ، وإلا لم يكن التمسك بهم مانعا من الضلال ، ومنها أنهم باقون ما بقي التكليف ، لاتصالهم بالكتاب وهو كذلك ، ولأن الخطاب للأمة وتكليفها متصل ما بقى التكليف ، وإليه أشار بقوله حتى يردا علي الحوض ، ومنها أن الخلافة والإمامة منصوصة ، لأن هذا نص صريح على اتباع العترة وعلى إمامتهم ، إذ لا يراد بالإمام إلا من يجب اتباعه وامتثال أوامره والانتهاء عن نواهيه ، وكون ذلك يقتضي عدم الضلالة والجميع يعني مذهب الإمامية الاثني عشرية ، فهم الفرقة الناجية لاتباعهم من لا يضل من اتبعه والله الهادي ، ويؤيد هذا ويزيده بيانا ما رواه الفقيه الشافعي رفعه إلى ابن عباس قال : قال عليهالسلام : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تأخر عنها هلك (٣).
__________________
(١) هو مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني (٧١٢ ـ ٧٩٣ ه) من أئمة العربية والبيان والمنطق ، ولد بتفتازان من بلاد خراسان وأقام بسرخس ، وأبعده تيمور لنك الى سمرقند ، فتوفى فيها ودفن في سرخس ، له العديد من المؤلفات منها تهذيب المنطق ، المطول ، المختصر ، شرح الشمسية وغيرها.
(٢) شرح المقاصد للتفتازاني ، ج ٥ ص ٣٠٢ ـ ٣٠٣.
(٣) مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ، ص ١٢٣ ح ١٧٣ و ١٧٦.