أن من لا يعتقد مذهبا لا يفطن بمزايا الأخبار المثبتة له ، وإنما يعرفها من دان به واعتقده ، ألا ترى أن المرتضى علم الهدى رضى الله عنه أثبت من موانع التواتر سبق الشبهة ، قال : فإنها تمنع من معرفته لعدم توفر دواعي أهلها إلى النقل (١) وهو حسن.
ومن ذلك ما رواه الفقيه الشافعي ابن المغازلي بإسناده إلى الحسن قال : قال سألت عن قول الله عزوجل (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) قال : المشكاة فاطمة والمصباح الحسن والحسين والزجاجة كأنها كوكب دري ، قال : كانت فاطمة كوكبا دريا من نساء العالمين ، توقد من شجرة مباركة ، الشجرة المباركة إبراهيم عليهالسلام لا شرقية ولا غربية ، لا يهودية ولا نصرانية ، يكاد زيتها يضيء ، يكاد العلم أن ينطق منها ، ولو لم تمسسه نار ، نور على نور ، قال : منها إمام بعد إمام يهدي الله لنوره من يشاء ، قال : يهدى الله لولايتهم من يشاء (٢) ، قلت : وهذا أيضا كالصريح في الأئمة التسعة من ذرية الحسين عليهالسلام ، إذ لا إمام بعد إمام من ذريتها بعد الحسن والحسين إلّا هم ، وستسمع ما يزول معه الشك والوهم والاحتمال في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى.
تذنيب : الاثنا عشر الذين هم معتقد الفرقة المحقة الناجية ممن اتفق على فضلهم وعلمهم وزهدهم بين الأمة ، وشاع ذلك في جميع أقطار الإسلام ، ونسب أهل العلوم والطريق علومهم وطريقهم إليهم ، ولم يقصروا عن جواب أبدا ولا استشكلوا في مسألة سئلوا عنها ، ولا احتاجوا فيها إلى مراجعة ، وامتحنهم جميع أهل الأديان فأثبتوا الحجج عليهم ، مع أن أحدا منهم لا يجلس بين يدي عالم يتعلم منه ، ولا ذي فضل ليقتبس من فضله ، بل علومهم وكمال فضلهم وراثة من النبي عليهالسلام ، يرثه واحدا بعد واحد ، حتى إن أكابر العلماء امتحنت أصغرهم ومن لم يبلغوا الحلم ، بالنسبة إلى السن منهم فأجابوهم ، فتحيروا في علومهم وجبورهم في مسائلهم ، كما اتفق للإمام الجواد ابن الرضا عليهمالسلام ، مع قاضي القضاة وشيخ الإسلام يومئذ
__________________
(١) الشافي في الإمامة الجزء الأول / ١٣٨ وج ٣ / ١٣٦.
(٢) المناقب لابن المغازلي ، ص ٣١٦ ـ ٣١٧ ، ح ٣٦٠.