الاعتقاد فلا يرد أنه لو أريد الخلود فيها فهو خلاف الإجماع ، فإن المؤمنين لا يخلدون فيها ، وإن أريد مجرد الدخول فهو مشترك بين الفرق ، إذ ما من فرقة إلا وبعضها عصاة ، والقول بأن معصية الفرقة الناجية مطلقا مغفورة بعيد جدا ، ولا يبعد أن يكون المراد استقلال مكثهم في النار بالنسبة إلى سائر الفرق ترغيبا في تصحيح الاعتقاد ، أقول : كلامه هنا بأجمعه ليس شيء منه بصحيح ولا تام ، وذلك لأنه فسره بكونهم في النار من حيث الاعتقاد ، وغرضه من ذلك أن المراد العذاب عليه بها في الجملة لا الخلود ، معللا بأنه خلاف الإجماع ، لأن المؤمنين لا يخلدون ، وفيه نظر ، لأن كون ذلك من حيث الاعتقاد وغير مسلم بجواز أن يكون منه ، ومن العمل مما قال تعالى : (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١). سلمنا لكن نفيه الخلود غير مسلم والإجماع الذي نقل ممنوع ، فان جماعة من العلماء ذهبوا إلى أن غير الطائفة المحققة كفار وأنهم مخلدون في النار ، وقوله : لأن المؤمنين لا يخلدون مسلم لكن الحذف في المؤمنين ، فالشيعة تزعم أن الإيمان إنما يصدق على معتقد الحق من الأصول الخمسة ، ومنها عندهم إمامة الاثني عشر (٢) ، وقوله ان يجري الدخول مشترك .. إذ ما من فرقة إلا وبعضها عصاة مسلم ، إلا أن قوله والقول بأن معصية الفرقة الناجية مطلقا مغفورة بعيد ممتنع أشد المنع ، بل الظاهر ذلك استبعاده ، بل بعيد فان ظاهر الخبر ينقضه ، وقوله لا يبعد أن يكون المراد إلى كفره أشد بعدا ، لأنه خلاف ما يتبادر إليه الفهم من الحديث.
والحق أن معنى الحديث إن الفرقة الناجية لا تمسها النار أبدا ، وغيرها في النار إما
__________________
(١) سورة البقرة ، آية ٨٠ ـ ٨١.
(٢) أنظر : المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين ، والنص والاجتهاد للسيد عبد الحسين شرف الدين ، وحق اليقين في معرفة أصول الدين للسيد عبد الله شبر ، وكشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد للعلامة الحلي.