بن أبي طالب وصي رسول الله والمستحق للقيام مقامه في أمته ، وأورد نصوصا كثيرة قد نقلها المسلمون وتفصيلها في مناظرته (١) ، فاعترف الأربعون أن عليا هو المنصوص عليه بالخلافة ، وللمأمون في ذلك أبيات كثيرة منها :
ألام على حب الوصي أبي الحسن |
|
وذلك عندي من عجائب ذا الزمن |
خليفة خير الناس والأول الذي |
|
أعان رسول الله في السر والعلن (٢) |
ومقدمو غير علي عليهالسلام لا سبيل لهم إلى رد الأخبار لظهروها ونقل أرباب الحديث الثقات لها ، وليس لهم من المسالك التي يلجئون إليها إلا أمور نحن ذاكروها ، والجواب عنها على وجه موجز حسن إن شاء الله تعالى.
فمنها إن الخبر ورد على سبب خاص ، فيتخصص به وليس بشيء أصلا لأنه على تقدير التسليم لا تتخصص به فإن خصوص السبب لا يخصص ، إذ الاعتبار إنما هو بعموم الكتاب والسنة وأكثر أوامرهما ونواهيهما وردت على أسباب خاصة ، وقد حقق ذلك أهل الأصول من الشيعة وأهل السنة (٣). ثم أنه يحسب عنه من وجوه :
الأول : إن أمير المؤمنين عليهالسلام بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله ذكره واستدل به على استحقاق الخلافة واستشهد من كان حاضرا يومئذ ممن شهد مجلسه ذلك فشهد ثلاثون رجلا (٤) بذلك ، ولو كان مخصوصا بسبب لم يحسن منه الاستدلال به ، ولكان أنكر فأيده استدلاله من الصحابة من حضره ، وهذا واضح مع أنه استدل به غير مرة بعد النبي صلىاللهعليهوآله ويوم الشورى (٥) منها فلم ينكر
__________________
(١) عن مناظرة المأمون أنظر : الغدير ١ / ٢١٠ و ٣ / ٢٣٦ ، العقد الفريد ٣ / ٤٣.
(٢) راجع : كتاب في رحاب أئمة أهل البيت (ع) م ٣ / ص ١١١ ، وقد أثبتت القصيدة بكاملها.
(٣) راجع : أصول الفقه للشيخ المظفر ١ / ١٢٩ ، فوائد الأصول للعلامة الخراساني ١ / ٦٠ ، كفاية الأصول (مبحث الخاص والعام).
(٤) وأنت تعلم أن تواطؤ الثلاثين صحابيا على الكذب يمنعه العقل ، محصول التواتر بمجرد شهادتهم اذن قطعي لا ريب فيه : راجع المراجعات ص ٢٦٨ ، تحقيق الشيخ حسين الراضي.
(٥) حول يوم الشورى ، راجع : صحيح مسلم ٢ / ١٥ ، كتاب الوصية ، وصحيح البخاري طبع دمشق ١ / ٥٤ كتاب الجهاد ، الباب ١٧٢ ، الحديث ٢٨٨٨.