والمندوب ، وفعل ضد القبيح ، بشرط أن يكون فعل الواجب لوجوبه كالواجب المعين ، أو لوجه وجوبه كالواجب المخير ، وفعل المندوب لندبيته ، أو لوجه ندبيته ، وفعل ضد القبيح لكونه تركا للقبيح بأن يفعل المباح لكونه تركا للحرام ، ويستحق العذاب والذم بفعل القبيح. اختلفوا في أنه هل يستحق المدح والثواب بالإخلال بالقبيح لكونه إخلالا به ، والذم والعقاب على الإخلال بالواجب؟
فقال المتقدمون : لا بل إنما يستحق المدح والثواب بفعل عند الإخلال بالقبيح هو ترك القبيح ، والذم والعقاب على فعل عند الإخلال بالواجب ، هو ترك الواجب ، لأن الإخلال عدمي لا يصلح علة للاستحقاق الوجودي ، ولأن كل أحد يخل كل لحظة بما لا يتناهى من القبائح.
وقال المتأخرون كأبي هاشم ، وأبي الحسين ، وعبد الحبار : نعم ، للنصوص الصريحة في تعليل العقاب بعدم الإتيان بالواجب ، كقوله تعالى : (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ..) إلى قوله : (إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) (١) وكقوله حكاية : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) (٢)
ومنها أنه يجب اقتران الثواب بالتعظيم ، والعقاب بالإهانة للعلم الضروري باستحقاقهما.
وقيل. إنه يحسن التفضل بالمنافع العظيمة ابتداء ، فالزام المشاق والمضار لأجلها يكون عبثا ، بخلاف التعظيم ، فإنه لا يحسن التفضل به ابتداء من غير استحقاق ، كتعظيم البهائم والصبيان. ومنها أنه يجب دوامهما لكونه لطفا ، أو يقرب المكلف الى الطاعة ، ويبعده عن المعصية ، ولأن التفضل بالمنافع الدائمة حسن جماعا ، فلا يحسن التكليف للثواب المنقطع الذي هو أدنى حالا.
ومنها أنه يجب خلوصهما عن الشوب لكونه أدخل في الترغيب والترهيب ، ولأنه واجب في العوض مع كونه أدنى حالا من الثواب لخلوه عن التعظيم.
__________________
(١) سورة الحاقة آية رقم ٣٠ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٤ ،.
(٢) سورة المدثر آية رقم ٤٢ ، ٤٣ ، ٤٤.