الثاني ـ أنه يجوز أن يكون التوقف فيما بين طرآن الحادث وزوال السابق توقف معية لا تقدم ، ليلزم الدور المحال.
والجواب أن الكلام إنما هو على تقدير جعل طرآن الحادث هو السبب في زوال السابق ، فيتقدمه بالذات ضرورة ، وهو ينافي اشتراطه به لاستلزامه تأخره عنه بالذات (١)
الثالث ـ أن الاستحقاقات ليست أمورا متمايزة بحسب الخارج. بمنزلة ما إذا كان لله عند أحد خمستان وديعة ، فيمكن تسليم هذه أو تلك ، بل بحسب الذهن فقط ، بمنزلة ما إذا كان لك عليه خمستان دينا ، فلا يكون تسليم خمسة ، أو الإبراء عنها ، أو مقاصتها بخمسة له عليك إلا إبراء عن النصف ، وبما ذكرنا من حمل كلام المحصل على ما نقلنا من تقرير نهاية العقول ، يظهر أن ليس مقصود الإمام ما فهمه المعترض (٢) ، فإن معناه أن الاستحقاقات لما كانت متساوية فالاستحقاق القليل كما يزيل ما يقابله من الكثير ، كذلك يزيل الباقي ، لأن حكم المتساويات واحد (٣). بل الاعتراض أن تساوي الاستحقاقات لا يوجب إلا جواز زوال كل ما يزول به الآخر ، لا زوال الكل بما يزول به البعض.
الرابع ـ أن الطاعات والمعاصي مثبتة عند الحفظة ، وفي صحائف الكتبة ، فالطاعات تبطل استحقاق العقاب بالمعاصي. والمعاصي تبطل استحقاق الثواب بالطاعات ، من غير لزوم محال.
والجواب ـ أن المقصود بيان امتناع زوال أحد الاستحقاقين والمستحقين ، أعني الثواب والعقاب بالآخر على ما هو المذهب في الإحباط والموازنة. وبهذا يندفع اعتراض خامس ـ وهو أنه يجوز أن لا يؤثر أحدهما في عدم الآخر ، لكن يتمانعان في ظهور حكمهما فيظهر حكم الزيادة فقط.
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (بالذات).
(٢) في (ب) بزيادة لفظ (من كلامه).
(٣) في (ب) بزيادة لفظ (عند العقل).