الرابع ـ الإجماع على صحة اللهم اجعلنا من أهل شفاعة محمد صلىاللهعليهوسلم.
والجواب ـ إن أهلية شفاعته على تقدير العصيان إنما هو بالطاعة والإيمان).
في الشفاعة يدل على ثبوتها النص والإجماع. إلا أن المعتزلة قصروها على المطيعين والتائبين لرفع الدرجات وزيادة المثوبات.
وعندنا يجوز لأهل الكبائر أيضا في حط السيئات ، إما في العرصات ، وإما بعد دخول النار ، لما سبق من دلائل العفو عن الكبيرة ، ولما اشتهر بل تواتر معنى من ادخار الشفاعة لأهل الكبائر ، كقوله (عليهالسلام) : «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» (١) وترك العقاب بعد التوبة واجب عندهم ، فليس للعفو والشفاعة كثير معنى. وقد يستدل بقوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (٢).
أي لذنوب المؤمنين ، فيعم الكبائر وبقوله تعالى في حق الكفار : (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) (٣)
فإن مثل هذا الكلام إنما يساق حيث تنفع الشفاعة غيرهم ، فيقصد تقبيح حال الكفرة. وتخييب رجائهم ، بأنهم ليسوا كذلك إذ لو لم تنفع الشفاعة أحدا لما كان في تخصيصهم زيادة تخييب وتوبيخ لهم. لكنه مع هذا التكلف لا يفيد إلا ثبوت أصل الشفاعة ولا نزاع فيه. نعم لو تم ما ذكره بعض أصحابنا من أن الشفاعة لا يجوز أن تكون حقيقية لزيادة المنافع ، بل لإسقاط المضار فقط. والصغائر مكفرة عندكم باجتناب الكبائر ، فتعين أن تكون لإسقاط الكبائر ، لكان في إثبات أصل الشفاعة إثبات المطلوب. إلا أن غاية متشبثهم في ذلك هو أن الشفاعة لو كانت حقيقة في طلب زيادة المنافع لكنا شافعين في حق النبي (عليهالسلام) حين نسأل
__________________
(١) الحديث رواه الإمام الترمذي في كتاب القيامة ١١ وأبو داود في كتاب السنة ١١ وعند ابن ماجه في كتاب الزهد ٣٧ باب ذكر الشفاعة ٤٣١٠ ـ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي حدثنا الوليد ابن مسلم ، حدثنا زهير بن محمد عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عن جابر قال : سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : وذكره. ورواه الإمام أحمد في المسند ٣ : ٢١٣ حدثنا عبد الله ثنى أبي حدثنا سليمان بن حرب حدثنا بسطام بن حريث عن أشعث الحراني عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ـ (صلىاللهعليهوسلم) : وذكره.
(٢) سورة محمد آية رقم ١٩.
(٣) سورة المدثر آية رقم ٤٨.