الله تعالى زيادة كرامته. واللازم باطل وفاقا واعترض بأنه يجوز أن يعتبر فيها زيادة قيد ، ككون الشفيع أعلى حالا من المشفوع له ، أو كون زيادة المنافع محصولة البتة لسؤاله وطلبه.
وأجيب بأن الشفيع قد يشفع لنفسه ، فلا يكون اعلى ، وقد يكون غير مطاع فلا يقع المسئول ، فضلا عن أن يكون لأجل سؤاله.
فإن قيل : إطلاق الشفاعة على طلب المنافع مما لا سبيل إلى إنكاره كقول الشاعر :
فذاك فتى إن تأته في صنيعه |
|
إلى ما له لم تأته بشفيع |
وكما في منشور دار الخلافة لسلطان محمود : ولّيناك كورة خراسان ، ولقّبناك بيمين الدولة ، وأمين الملة بشفاعة أبي حامد الأسفرايني.
قلنا : نعم ، لكن لو كان حقيقة لاطرد فيما ذكرنا. احتجت المعتزلة بوجوه :
الأول ـ الآيات الدالة على نفي الشفاعة بالكلية ، فيخص المطيع والتائب بالإجماع ، فتبقى حجة فيما وراء ذلك ، مثل قوله تعالى :
(وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ...) (١) الآية.
والضمير في : (لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) (٢) و(لا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) (٣)
للنفس المبهمة العامة. وكقوله تعالى :
(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ). (٤).
وكقوله تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (٥)
أي يجاب. يعني لا شفاعة أصلا على طريقة قوله : ولا ترى الضب بها
__________________
(١) سورة البقرة آية رقم ٤٨.
(٢) سورة البقرة آية رقم ٤٨.
(٣) سورة البقرة آية رقم ١٢٨.
(٤) سورة البقرة آية رقم ٢٥٤.
(٥) سورة غافر آية رقم ١٨.