والعزم على أن يعاودها ، وقد وجدت. وشبهة أبي هاشم الندم عليها يجب أن يكون لقبحها ، وهو شامل للمعاصي كلها ، فلا يتحقق الندم على قبيح مع الإصرار على قبيح.
وأجيب بأن الشامل للكل هو القبح ، لا قبحها. والتحقيق على ما ذكره صاحب التجريد هو أن الدواعي إلى الندم عن القبائح ، وإن اشتركت في كون الندم على القبيح لقبحه. لكن يجوز أن تترجح بعض الدواعي بأمور تنضم إليه ، كعظم المعصية أو قلة غلبة الهوى فيها. فيبعثه ذلك الترجح على الندم عن هذا البعض خاصة دون البعض الآخر ، لانتفاء ترجيح الداعي بالنسبة إليه. ولا يلزم من ذلك أن يكون الندم على البعض الذي تحقق (١) منه الترجيح ، لا قبحه. إذ لا يخرج الداعي بالنسبة إليه ، ولا يلزم من ذلك أن يكون الندم على البعض الذي تحقق منه الترجيح ، لا قبحه. إذ لا يخرج الداعي بهذا الترجيح عن الاشتراك في كونه داعيا إلى الندم على القبيح لقبحه. وهذا كما في الدواعي إلى الفعل لحسنه ، قد يترجح البعض ، فيخصص بعض الأفعال الحسنة بالوقوع. ولا يلزم من ترك البعض الآخر كون إيقاع هذا (٢) البعض ، لا لحسنه ، بل لغرض. غاية ما في الباب أنه حصل للداعي إلى هذا الفعل لحسنه رجحان لم يحصل للداعي إلى الفعل الآخر. وهذا ما قال أصحابنا أنه كما يجوز الإتيان بواجب لحسنه مع ترك واجب آخر ، يجوز ترك قبيح لقبحه مع الإصرار على قبيح آخر.
قال : ويكفي في الإجماع.
(وإن علمت الذنوب مفصلة ، خلافا لبعض المعتزلة. قالوا : وفي حق الله تعالى قد يكفي الندم كما في الفرار عن الزحف ، وترك الأمر بالمعروف. وقد يفتقر إلى زائد كما في الشرب ، وترك الصلاة والزكاة في حق العبد ، لا بد من تسليم حق العبد أو بدله إن كان الذنب ظلما ، كالغصب (٣) والقتل ، ومن إرشاده إن كان إضلالا (٤) ، ومن الاعتذار إليه إن كان إيذاء كالغيبة. والتحقيق أن الزائد
__________________
(١) في (ب) ارتكبه بدلا من (تحقق منه).
(٢) سقط من (ب) لفظ (هذا).
(٣) في (أ) الغضب وهو تحريف.
(٤) في (ب) ضالا بدلا من (إضلالا).