قال : ولا يلزم تجديد الندم كلما ذكر.
(ولا يلزم تجديدها كلما ذكر الذنب خلافا للقاضي والجبائي ، ولا تعميمها).
المعصية ، لأنه قد أتى بما كلف به ، وخرج عن عهدته خلافا للقاضي منا ، وأبي علي من المعتزلة. وشبهتهما أنه لو لم يندم كلما ذكرها ، لكان مشتهيا لها ، فرحا بها ، وذلك إبطال للندم (١) ، ورجوع إلى الإصرار.
والجواب المنع ، إذ ربما يضرب عنها صفحا من غير ندم عليها ، ولا اشتهاء لها ، وابتهاج بها. ولو كان الأمر كما ذكر ، لزم أن لا تكون التوبة السابقة صحيحة.
وقال القاضي (٢) : إنه إن لم يجدد ندما ، كان ذلك معصية جديدة يجب الندم عليها ، والتوبة الأولى مضت على صحتها ، إذ العبادة الماضية لا ينقضها شيء بعد ثبوتها.
قال : ولا تعميمه لتصح
(للإجماع على صحة إسلام من أصر على بعض معاصيه. ولأن حقيقتها الرجوع والندم والعزم ، وقد وجدت.
وقال أبو هاشم : يجب أن يكون الندم لقبحها ، وهو شامل للكل ، ورد بأن الشامل للكل هو القبح ، لا قبحها).
المذهب أنه تصح التوبة عن بعض المعاصي مع الإصرار على بعض ، خلافا لأبي هاشم لنا الإجماع على أن الكافر إذا أسلم وتاب عن كفره ، مع استدامة بعض المعاصي ، صحت توبته وإسلامه ، ولم يعاقب إلا عقوبة تلك المعصية. وأيضا ليست التوبة عن تلك المعاصي إلا الرجوع عنها والندم عليها ،
__________________
(١) الندم : غم يصيب الإنسان ويتمنى أن ما وقع منه لم يقع ويقول الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم : (الندم توبة).
(٢) هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر أبو بكر : قاض من كبار علماء الكلام توفي عام ٤٠٣ ه راجع في ترجمته وفيات الأعيان ١ : ٤٨١ وقضاة الأندلس ٣٧ ـ ٤٠ وتاريخ بغداد ٥ : ٣٧٩ وفي دائرة المعارف الإسلامية ٣ : ٢٩٤ مزج علم الكلام بآراء جديدة أخذها عن الفلسفة اليونانية وله ترجمة واسعة كتبها بالتركية : ايزميرلي إسماعيل حقى في مجلة دار الفنون ، وله في ترتيب المدارك ترجمة واسعة.